ولذلك لا ينبغي أن نقول: قد وضعت الحرب أوزارها لا عسكرياً ولا غير عسكري، بل ينبغي أن نشحذ هممنا وعزائمنا، وأن نعرف خللنا وقصورنا، وكنت قد تحدثت من قبل ووعدت أن يكون حديثنا اليوم عن الخطوات العملية التي ينبغي أن نأخذ بها بعد أن أسسنا القول في الخطوات الفكرية والخطوات النفسية، غير أن تجدد الأحداث أوجب أن يكون لنا حديث لعله يجمع بين ما نشعر به من حزن وما ينبغي أن نشحذ به النفس من عزم.
وكذلك قلت مراراً: ليس مقامنا في مثل هذه المنابر أن نصرخ، ولا أن نعيد ما يكرره الإعلام، مما يلعب بالعواطف أو يضلل العقول أو يسير بالناس وفق ما تقتضيه الصنعة الإعلامية والسبق الصحفي، وليس بمهمتنا كذلك أن نؤثر تأثيراً عاطفياً مؤقتاً فتذرف دموعنا ظاهراً، وإنما نقول: ليذرف كل واحد دمعه بينه وبين نفسه، وليذرف على حاله وعلى حال أمة الإسلام، وما أشك أن كثيراً من الدموع قد جرت وهي ترى ذلك في صور ما عرضته الشاشات من هذه الأحداث، لكن هل البكاء هو حلنا؟ وهل مثل هذا المقام نأتي فيه لنبكي؟ فليبك كل منا حقيقة لا صورة.