الصوم أيها الأحبة طريق للجنة، ووجوه ذلك كثيرة: وحسبنا تلك الآية التي صدرنا بها حديثنا: {فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ} [آل عمران:185] و (زحزح) أي: كأنما كان يخرج من النار بشيء من الثقل لا يتحرك إلا قليلاً قليلاً، فكيف بك والصوم يدفعك دفعاً، ويبعدك مسافات هائلة عن النار؟ نسأل الله عز وجل أن يقينا وإياكم عذابها وحرها.
هذا حديث أبي سعيد في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من صام يوماً في سبيل الله باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفاً)، سبعين عاماً، وذلك أمد عظيم ليوم واحد يصام في سبيل الله، وسياق هذا النص لا ينبئ أن المراد هو صوم الفريضة بل صوم النفل، فما ظنك بصيام أيام رمضان -شهر كامل- تخلص فيها لله وتصومها في سبيل الله، كم يباعدك ذلك من النار؟ أما الوقاية فقد روي عن جابر بسند حسن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (الصيام جنة يستجن بها من النار) رواه الإمام أحمد والبيهقي في شعب الإيمان.
قوله: (جنة يستجن بها من النار) أي: درع وحصن ووقاية تسلمك وتؤمنك بإذن الله عز وجل من عذاب النار.
وفي حديث عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الصوم جنة من عذاب الله) رواه الإمام أحمد في مسنده، والنسائي في سننه، وابن خزيمة في صحيحه.
تأمل هذا المعنى؛ أفتكتفي من بعد أن يكون حظك من الصوم شهر رمضان، وأن يكون صومك في رمضان فيه تفريط وتقصير، فتفوتك تلك الوقاية والحماية، وتفوتك تلك المفاوز التي تبتعد بها عن سخط الله وعذابه في جهنم؟ نسأل الله عز وجل أن يقينا عذابها وحرها.