الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعلينا وعلى عباد الله الصالحين.
أيها الإخوة المؤمنون! أوصيكم ونفسي الخاطئة بتقوى الله؛ فإن تقوى الله أعظم زاد يقدم به العبد على مولاه، وإن قضية صراعنا مع اليهود قضية ليست مقتصرة على أرض فلسطين العزيزة، ولا على بيت المقدس العزيز على نفوسنا، بل هي أعظم من ذلك وأوسع، وهي أكثر تنوعاً وأعظم مكراً وأخفى كيداً مما يتصوره كثير منا، ولذلك ينبغي لنا أن نعرف أننا في معركة دائمة، وفي مواجهة مستمرة، فلا ينبغي أن تغمض أعيننا، ولا أن تسكن أنفسنا، ولا أن تتوقف حركتنا، ولا أن تخرس ألسنتنا، ولا أن تنكس رايتنا بحال من الأحوال.
أين الدعاء المستمر؟! لماذا لا ندعوا إلا إذا عظمت المصيبة؟! أفليست المصيبة بانتهاك الحرمات واستيلاء اليهود على بيت المقدس مصيبة ينبغي أن يكثر لها دعاؤنا وهمنا وغمنا ولو لم يقتل مسلم واحد؟! والعون هو الذي نريد أن يبقى مستمراً؛ لأن المآسي عظيمة، ولأن الجهاد والتثبيت يحتاج إلى مواصلة، ولأن اليهود ليسوا أصحاب موجة واحدة.
فقد رأينا وعرفنا كل الجرائم، وهذه ما هي إلا قطرة من بحر، فلابد من أن ندرك ذلك، فإن المجرم يبقى مجرماً لا يتغير ما دام سلاحه في يده، وما دام إمداده معه، وما دام اعتقاده الفاسد يسيطر على عقله وفكره، وعندما يرى الضعيف أمامه يغريه ذلك بمزيد من العدوان، فلا بد من أن يبقى عوننا مستمراً، كالدعم المادي، فاقتطع من مالك، ومن قوت يومك, ومن راتب شهرك شيئاً دائماً لا ينقطع أبداً، واجعل ذلك عزيمة ماضية وجهاداً مستمراً، فكيف نرضى أن نتوقف عن مثل هذا؟! اجعل القضية شعوراً نفسياً لا يفارقك، اجعله حاجزاً نفسياً يجذّر في قلبك بغض اليهود أعداء الله عز وجل وأعداء الرسل والرسالات والحضارة والإنسانية، اجعل ذلك أمراً لا يمكن أن يتغير في نفسك على المجرمين الحاقدين المغتصبين، واجعل في نفسك عزة الإيمان، وأنه وإن فقدنا بعض أسباب القوة المادية وإن كبلتنا بعض الظروف المحيطة فإن في قلوبنا دماء تنبض، وعروقاً تفيض بالعزة لا يمكن أن تسكن ولا أن تسكت.
إذا لم تزاحم لنيل الحياة أصبت فناءك في المزدحم ينبغي أن ندرك أنه يوم تفتر نفوسنا ونرضى بذلّنا، ويوم نقول: ما عسى أن نفعل يوم ذاك تكون هزيمتنا قد وصلت إلى مقاتلنا، فلنكبر على أنفسنا أربعاً وإن كنا نمشي على الأرض ونتحدث إلى الناس.