إن كثيراً من الأخطار والأمراض والأحوال النفسية التي تصيب المرأة عموماً، والفتاة المراهقة عند بلوغها خصوصاً مردها إلى شأن الحجاب، وليس ذلك تخرصاً أو كلاماً ساذجاً، بل هو أمر أثبتته الدراسات العلمية، فهناك دراسة أجريت في أمريكا عاصمة بلاد الحرية كما يزعمون، وهذه الدراسة أجريت على الفتيات بعد سن الثانية عشرة في إحدى المناطق، فوجد أن الفتيات بعد هذا السن أكثر كآبة من الفتيان، ووجد أن الفتيات بعد البلوغ والمراهقة أكثر كآبة منهن قبلها، ووجد أن الفتيات الأقل جمالاً أكثر كآبة ممن هن أحسن جمالاً، فلماذا؟! ومن أين جاءت هذه الكآبة؟! يدرك الجميع أن الفتاة في مقتبل عمرها رأس مالها وأكثر ما يشغل بالها هو جمالها، فإذا كانت ستخرج غير متحجبة فستعلم حينئذ أن جمالها موضع النظر، والخلق متفاوتون في ذلك، فما رأيكم بفتاة عندها عيب خلقي في رجلها أو في يدها أو في عينها؟ وما رأيكم في فتاة شعرها مجعد أو في وجهها نمش أو غير ذلك؟ كيف سيكون حالها؟ إنها ستحمل من الهم والغم -لأجل ذلك- ما لا يوصف، وإذا جئنا إلى المقارنة في ميادين الفتيات والنساء، فإن المرأة قليلة الجمال إذا رأت غيرها من الجميلات في معرض من الرجال وحضور منهم فسترى أن الميزان يتأرجح، وأن الكفة تهبط بها، فتفكر في نظر الناس إلى تلك المرأة الجميلة، والتفاتهم إليها، وجلوسهم معها، وحديثهم إليها، وهي على هامش الأحداث، فكل هذه الجوانب ناتجة عن عدم الحجاب.
وأما الفتاة والمرأة إذا تحجبت فإن ذلك كله يزول؛ لأن جمالها تحت ستار الحجاب، ولا يبقى ذلك الشأن إلا في دائرة محدودة، وذلك عندما تكون الفتاة مع النساء من مثيلاتها، والأمر هنا أهون وأخف وأقل وأدنى، وقد أثبتت هذه الدراسة العلمية أن ذلك له أثره في الجانب النفسي للنساء عموماً، وللفتيات خصوصاً.
ومن هنا ننظر كذلك إلى صفة الحجاب في اللباس، فقد ذكر العلماء أن المرأة يحرم عليها أن تلبس ثياباً رقيقة تشف عن جسمها، أو أن تلبس ثوباً ضيقاً يصف حجم عظامها وهيئة جسمها، وذلك كله إذا التزمت به المرأة لم تظهر تلك العيوب، ولم تظهر تلك الاختلافات، وكانت في راحة نفسية، وكان لديها من الرضا النفسي ما يجعلها لا تتأثر بمثل هذا التأثر الذي يعلم الجميع غوره وعمقه في نفس المرأة والفتاة، وتأثيره في تصرفاتها وأفعالها.
وللحجاب تأثيره على المظهر الخارجي أيضاً، فالمرأة غير المتحجبة إذا أرادت أن تخرج فهي تحتاج إلى أنواع من الزينة في الوجه وغير الوجه، وتحتاج إلى حلي وإلى لباس، وإلى أن يكون ذلك اللباس متغيراً في كل يوم، وغير ذلك، وأما إذا تحجبت فهي تنتقل من هنا إلى هناك، ثم تصل إلى البيت الذي تريد، أو إلى المجمع النسائي الذي تريد ولا تحتاج إلى مثل هذا، وإن كانت ذاهبة إلى عمل ليس فيه إلا النساء لم تحتج إلى مثل هذا كله، وذلك كله من الآثار المهمة المفيدة.
وهكذا نجد تأثير هذا في أمور كثيرة، وسأنقل لكم هنا شيئاً طريفاً، وخبراً قد يكون في ظاهره مضحكاً، لكنه يعبر عن حقيقة واقعة، هذا الخبر عن امرأة كانت قبل سنوات قليلة تحكم دولة من الدول الأسيوية الكبرى، وقد حصل في بلادها محاولة انقلابية فتقول وهي تخبرنا عن الواقع: إن بوسع الرجل أن يستيقظ من الفراش، ويمشط شعره، ويكون مستعداً لمباشرة عمله في لحظات، غير أن الأمر يختلف بالنسبة للمرأة، فلا يمكنني أن أسمح بالتقاط صور لي حال استيقاظي مباشرة من الفراش، وعندما جاءت حادثة الانقلاب استيقظت على هذا الحادث، وأخبرت به، ومع ذلك انصرف اهتمامي إلى مظهري الذي سأخرج به، ولو كنت رئيساً فما كان عليَّ إلا ارتداء الملابس بسرعة، وأن أكون في الموقع المناسب! فإذا كانت الرئيسة امرأة فإن الأمر يحتاج إلى الاهتمام بالمكياج، وهذا أمر بدهي، فالمرأة إذا كانت ستخرج متبرجة فالزينة شرط لازم لا تستطيع أن تتجاوزه، ولذلك فإن هذا التشريع يحررها من هذه القيود والضغوط.