الحمد لله جعل الإيمان أمناً وأماناً، والإسلام صحةً وسلاماً، وجعل السلامة في الطاعات، والبلية في المعاصي والسيئات، نحمده سبحانه وتعالى على ما أفاض من الخيرات، وما أنزل من البركات، وما أوسع من الرحمات، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، ملء الأرض والسماوات، له الحمد سبحانه وتعالى كما يحب ويرضى على آلائه ونعمه التي لا تعد ولا تحصى، هو أهل الحمد والثناء، لا نحصي ثناءً عليه، هو كما أثنى على نفسه، وله الحمد على كل حال وفي كل آن.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن سيدنا وقائدنا وقدوتنا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، علم التقى، ومنار الهدى، شمس الهداية الربانية، ومنار العناية الإلهية، وأشهد أنه عليه الصلاة والسلام قد بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وكشف الله به الغمة، وجاهد في الله حق جهاده، وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، فجزاه الله خير ما جازى نبياً عن أمته، ووفقنا وإياكم لاتباع سنته، وحشرنا يوم القيامة في زمرته، وجعلنا من أهل شفاعته، وصلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين، وعلى من تبعهم واقتفى أثرهم ونهج نهجهم إلى يوم الدين، وعلينا وعلى عباد الله الصالحين.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران:102].
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} [النساء:1].
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} [الأحزاب:70 - 71].
أما بعد: أيها الإخوة المؤمنون! بلايا الخطايا أمر ينبغي أن تلتفت له الأذهان، وأن يعطى حقه من العناية والاهتمام، فإن شيوع المعاصي، وذيوع الخطايا، وتوسع دائرتها يؤذن كسنة ماضية من الله جل وعلا بعظيم البلايا، وجليل الرزايا التي لا تقتصر على موات القلوب، وكدر النفوس، وضعف الإيمان، وزيغ الأهواء وغير ذلك، بل تتعداها إلى الأضرار والأخطار المادية الملموسة، ولعلي وأنا أريد أن ألفت الأنظار، وأن أجعل كل أحد ينتبه من غفلته، ويرعي هذا الحديث سمعه، أبدأ بأن أقول: إن خطيئة واحدة قد حصدت في عام واحد -هو العام الذي انصرم- ثلاثة ملايين من البشر، فهل ترون مثل هذا الرقم الخطير المفزع أمراً هيناً؟ وهل ترونه عقوبة ليست مرئية أو ملحوظة؟ وأزيدكم لأقول: إن جريرة يكاد كثير من المسلمين عموماً، بل ومن الحاضرين في هذا المسجد وفي غيره خصوصاًً يلمون بها ويقترفونها ويمارسونها كل يوم وليلة، ليست مرة واحدة بل مراراً عدة، هذه الخطيئة حصدت في عام (2000) أي: قبل نحو أربعة أعوام خمسة ملايين من البشر.
ولعلكم الآن تتساءلون، وأنا أيضاً أقول: بأيهما أبدأ وهما اثنتان، وغيرهما من الخطايا فيها العظيم والجليل من البلايا والرزايا؟ هل تصدقون -وهذا بموجب إحصائيات علمية معتمدة معتبرة من منظمة الصحة العالمية- أن قتلى التدخين في عام (2000) بلغ خمسة ملايين إنسان، وأنه بموجب معدل الإحصائيات المتزايدة من كل عشر وفيات من الرجال والنساء واحدة سببها المباشر هو التدخين، وأن هذه النسبة ترتفع في الرجال ليكون كل خمسة يموتون منهم واحد يكون سبب موته المباشر هو التدخين؟