ثانياً: التغريب الفكري والعملي، فبعض الناس اليوم أمامه كل الاتجاهات الأربعة، ولكنه لم يعرف إلا الاتجاه الغربي، فنسي الشمال والجنوب والشرق، وليس هناك أمامه إلا الغرب، فقبلته إذا توجه الغرب، وفكره إذا فكر الغرب، وبعض الناس فتنوا بهذه الحضارة وبهرجها، ونظروا إلى أحوالهم على أنها هي التأخر والرجعية والتخلف وغير ذلك من السمات والأوصاف، وأشاع بعض الناس من الذين فتنوا من الكتاب أو القصاص أو المفكرين أشاعوا هذه القالة بين الناس وبين مجتمعات المسلمين، وأنه لا تقدم إلا في الغرب، ولا حضارة إلا في الغرب، ولا أدب ولا سلوك إلا في الغرب إلى آخر ذلك.
ومثل هذا أيضاً الجانب العملي، وذلك بما وقع -أيضاً- في كثير من بيئات المسلمين بالسفر المتكرر والاختلاط الدائم بهذه البيئات التي انحلت حتى تحللت، فلم يبق فيها شيء مرتبط بشيء مطلقاً، حيث ظهر السفر والسياحة في تلك البلاد، وشد كثير من المسلمين رجالاً ونساءً وأسراً وشباباً وشابات رحالهم وتوجهوا إلى تلك البلاد، فحصل من ذلك ما حصل من الأمور التي نعرفها.