مشاهد من قوة عمر رضي الله عنه وشدته في الحق

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد: أيها الإخوة المؤمنون! القوة العمرية معلم من معالم السيرة العمرية، نجعله موضوع حديثا هذا اليوم، ونحن نستجني سيرة عمر رضي الله عنه، ونعيش معها، وننظر إلى جوانب العظمة فيها، ونستلهم الدروس منها.

وكما أشرت فيما مضى فإن الجوانب العظيمة في الشخصية العمرية، وإن المواقف العظيمة في السيرة العمرية تستحق منا كثيراً من الوقفات، وعديداً من مواقف التأمل والتدبر، وهذا أحدها، وهذا موقف من مواقفها.

فلقد كان عمر مشهوراً بقوته، ومعروفاً بحميته، ولكن لننظر إلى هذه القوة في أي مجال كانت، وفي أي ميدان صالت، ولنرى حدودها ومواقفها، ولنرى منافعها ومآثرها؛ حتى ندرك جوانب النقص في حياتنا، وأسباب الضعف والخور في نفوسنا، وما يُرى في بيئاتنا وكثير من مجتمعاتنا من صور الكسل والخور والخمول مما لا يليق بالمسلم ولا يليق بمجتمع المسلمين، وقد كانت قوة عمر في الحذر من الكافرين؛ فقد كان لا يأمنهم على دينه، وكان لا يأمنهم على رسوله صلى الله عليه وسلم، وكان لا يأمنهم على أمة الإسلام، وكانت قوته متجسدة في عمق إيمانه، وفي رسوخ يقينه، وفي همة نفسه، وفي علو إيمانه واستعلائه به عند الله عز وجل، فنفسه تأبى عليه إلا أن يكون قوياً في حيطته، شديداً في حذره من أولئك القوم، وقد تجسد ذلك في أوائل حياته في الإسلام، وفي أوائل سيرته مع ركب المؤمنين من صحب محمد صلى الله عليه وسلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015