أيها الأحبة! بمثل هذه المقالات اليسيرة أشوقكم لأشتاق معكم ونمضي لنتلمس كل مَعْلَم من معالم سيرة عمر على حدة؛ حتى نجدد مثل هذه المعاني والمعالم؛ لأن أمتنا اليوم قد تغيرت أحوالها كثيراًَ؛ فتحتاج إلى مثل هذه السيرة، وقد حل بها ما حل مما يصفه الواصفون، ويطنب فيه المطنبون، ويفيض فيه الشعراء والأدباء، حتى قال قائلهم في وصف أبناء هذه الأمة وما حل بها من نكبات وما شغلوا به مع ذلك كله من الترهات: ديست كرامتهم واحتل موطنهم وأنفهم راغم في الوحل ممدود وهم إلى اللهو سباقون غايتهم هز الخواصر والأوتار والعود هذا فتىً تائه والعشق ديدنه وذاك صب أسير القلب معمود وثالث طيف ليلاه يؤرقه وتستبد به أجفانها السود وهؤلاء أضاعوا العمر في سفه وآخرون سكارى أو عرابيد أولئك الذين ضلوا من أبناء أمتنا أولئك الذين ضاعوا وغفلوا كيف لنا أن نعيدهم؟! وأن نذكرهم؟! وأن نسعى نحن وهم؟! وأن نتلمس خطا عمر الذي كان واحداً من مدرسة النبوة على منهج الإسلام وبتربية محمد صلى الله عليه وسلم؟! نريد أن نذكر أنفسنا ونذكر مجتمعاتنا وأمتنا حتى تتجدد في الجيل الجديد هذه المعاني والمعالم، كما قال الشاعر: فمن يذكر أبناء العروبة والإسـ ـلام بالعز والإكرام والغلب ومن يقص عليهم ماضياً عطراً ومن يذكرهم بالفتية النجب ومن يعلمهم أن البطولة في إجادة الطعن لا في جودة الخطب وأن دينهم الغلاب منذ أتى لم يقبل العيش بين اللهو والطرب وأن آباءهم سادوا الورى زمناً بالكد والجد لا بالنوم واللعب هذا الذي أرت أن أحييه في نفسي وفي نفوسكم، وأن أذكر به نفسي وإياكم، فالله أسال أن يجدد لنا سيرة الخلفاء الراشدين، وصحب محمد ومن كان معهم من التابعين.
والله أسأل أن يلزمنا هدي نبيه صلى الله عليه وسلم، وأن يلزمنا كتابه.
والله سبحانه وتعالى أسال أن يردنا إلى دينه رداً جميلاً.
أقول هذا القول، وأستغفر الله العظيم لي ولكم من كل ذنب، فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.