Q قول النبي صلى الله عليه وسلم: (فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان) فهل الإنكار بالقلب دليل على ضعف الإيمان؟
صلى الله عليه وسلم هو دليل أولاً على وجود الإيمان، وهو كذلك دليل على رتبة في الإيمان أدنى من غيرها؛ لأن هذه مسألة مهمة يرى بعض الناس أو يظن أو يتوهم أن إنكار القلب لا شيء، وهذا خطأ مخالف لحديث النبي صلى الله عليه وسلم، فالنبي قال: (من رأى منكم منكراً فليغيره) فكل ما ذكر في الحديث من أسباب التغيير: يغيره بيده بلسانه بقلبه فإذاً: الإنكار بالقلب نوع من التغيير، قد يقول قائل: وكيف يكون نوعاً من التغيير ولم تنطق به لسان، ولم تتحرك به يد؟ أقول: أولاً لا بد أن نوقن بحديث النبي صلى الله عليه وسلم ونؤمن به، ولسنا في شك من هذا، فهو قد أثبت الإيمان للمنكر بقلبه، وأثبت وجود التغيير وحقيقة الإنكار للمنكر بالقلب، وإن كان الإنكار باللسان أو باليد بحسب الإمكان أقوى وأعظم، كيف يكون الإنكار بالقلب مؤثراً؟ أولاً: أعظم أثر له أنه يحفظ الإيمان في قلبك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل) إذا لم يتغير قلبك وينكر فقد برئ منك الإيمان إلا أن يشاء الله شيئاً، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: (وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل)، وفي بعض الأحاديث الأخرى: (ولكن من رضي وتابع) أي: من وافق وأحب، وهذا فرقان ما بين أهل الإيمان وأهل النفاق، قد يسكت اثنان عن أمر فلا ينكرانه بلسان، ولا يغيرانه بيد، لكن أحدهم في قلبه حزن وألم وضيق وتبرم لهذا المنكر، وذاك فرح به سعيد، يتمنى لو ارتكب المنكر بنفسه، فهذا فرق عظيم غير ظاهر للناس، ولكنه معلوم عند الله عز وجل.
وأمر آخر: أن القلب إذا تغير فأنكر انقبض عن صاحبه المنكر، فكان هناك نوع مجافاة أو اعتزال، فيرى صاحب المنكر أن القلوب منه نافرة، وأن النفوس عنه منقبضة، وأن الوجوه في وجهه مكشرة، فيجعله ذلك محاصراً حصاراً نفسياً يدفعه إلى أن يترك المنكر ليكون مع الناس.