إن قضية التربية بعمومها، وقضية تربية البنات بخصوصها مسألة تحتاج إلى أن تحظى من المسلمين جميعهم بأعلى درجات الاهتمام، وأن يوفروا لها كل أسباب النجاح، والمعني بهذا هم أنتم أولاً، وبالدرجة الأولى معاشر الرجال والأولياء، أرباب الأسر، القوامين على النساء، إنها ليست مهمات تشريف، ولكنها مهمات تكليف، إنها ليست مجرد فخر أو اعتزاز، وإنما هي مسئوليات وتبعات، إنها واجبات مناطة بالأعناق، وديون محفوظة على الذمم، وواجبات شرعية مسئول عنها بين يدي الله سبحانه وتعالى.
انظروا إلى رسل الله وأنبيائه كيف كانت هممهم، وكيف كان تفكيرهم منصباً ومتوجهاً إلى ذريتهم، وما ينبغي أن يغرسوه في قلبها من الإيمان، وفي نفسها من التزكية، وفي أخلاقها من الفضائل، وفي سلوكياتها من المحامد، وفي أفكارها من الرشد، وفي قلوبها من الحب والفيض بما ينبغي أن يكون من المعاملات والصلات بين الناس، يقول الله سبحانه وتعالى في قصة إبراهيم الخليل، وابنه إسماعيل، وهما يقيمان البيت ويعليان بنيانه: {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ} [البقرة:128].
كانوا يدركون أن هذه مهمتهم، فعندما كانوا يسألون الله لم تقتصر مسألتهم على أنفسهم، بل كانوا يشملون من جعل الله عز وجل مسئوليتهم في رقابهم، وكان هذا موضع الاهتمام في القلوب والأفكار والنصوص، وينعكس حينئذ في الاهتمام العملي، والتوجيه والإرشاد التربوي، والرعاية الفائقة، والعناية العظيمة التي ينبغي أن يوليها الآباء والأمهات لأبنائهم.