إذاً: لا بد من المبادرة: (بادروا بالأعمال سبعاً: هل تنتظرون إلا غنى مطغياً، أو فقراً منسياً، أو هرماً مفنداً، أو مرضاً مقعداً -إلى أن قال:- أو الدجال فشر غائب ينتظر، أو الساعة فالساعة أدهى وأمر).
إلى متى (سوف)؟ وإلى متى (لعل)؟ وإلى متى (غداً)؟ وإلى متى (في الموسم القادم)؟ وهل يضمن الإنسان عمره؟ هل يستطيع أحد أن تكون عنده وثيقة بأنه باق إلى رمضان القادم ليعوض ما فات، ليستدرك ما نقص، ليحيي قلبه بعد الموات، ليرجع من غفلته إلى ذكر ربه؛ قال تعالى: {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ} [الذاريات:50] خاطبنا الله جل وعلا، فعندما أمرنا وحثنا وذكرنا بأن نأخذ حظنا من الدنيا فأي شيء قال؟ {وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنْ الدُّنْيَا} [القصص:77] لكن ما الغاية؟ ما الأمر الأساسي؟ ما المحور الجوهري؟ {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنْ الدُّنْيَا} [القصص:77] ذلك نصيب محدود قد تنساه إن علقت قلبك بالله عز وجل، فكيف بك وهو محور حياتك، وأوكد همك، وأعظم شغلك، ومستنفذ جهدك، ومستغرق وقتك، حتى كاد قلبك ألا يكون فيه مكان للآخرة، ولا اعتبار بموعظة، ولا تذكر لنهاية الحياة بالموت؟