علينا أن ننادي أنفسنا جميعاً: أيها الغافلون! فروا إلى الله بذكره، بدعائه، بتلاوة آياته، بالتضرع بين يديه، فإن لم تفعلوا فيما مضى من الأيام فبقيت هذه الأيام، إن فاتت يوشك ألا ترجع، إن مضت يوشك ألا تعود، ويوشك أن تعود وأنت في حال سقم، أو في حال لا تستطيع فيها أن تؤدي ما تستطيعه اليوم، فلماذا التسويف؟ ولماذا التأخير؟ ولماذا هذا التكاسل والتراخي؟ أيها الظالمون! الذين ظلمتم واعتديتم كيف تصلون وتصومون وتدعون وأنتم عن الظلم لا تقتصرون؟ فروا إلى الله بترك المظالم وإرجاعها إلى أهلها، والبراءة منها قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله: {يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء:88 - 89].
أيها الأزواج الظالمون لأزواجهم! فروا إلى الله بحسن العشرة، بالعدل والإكرام، وإيفاء الحقوق، وإدخال السرور، فإن معاملة الخلق طريق إلى معاملة الخالق، روى أبو هريرة أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسأل سؤالاً عظيماً وقال: (يا رسول الله! ما أكثر ما يدخل الناس الجنة)؟ هل هناك سؤال أعظم من هذا وأجل؟ هل هناك شيء ينبغي أن يكون محور تفكيرنا وشغل بالنا أكثر من هذا وأعظم؟ جاءت الإجابة في كلمتين موجزتين من سيد الخلق صلى الله عليه وسلم: (تقوى الله، وحسن الخلق)، معاملة الناس، الإحسان إليهم، كف الأذى عنهم فرار إلى الله غداً.
يا من أخذت المال! يا من اعتديت بالضرب! يا من أسأت بعنيف القول وغليظه! غداً يقتص منك، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم: (حتى يقاد للشاة الجماء من الشاة القرناء)، يعني: يقتص من الشاة التي لها قرون ونطحت شاة لا قرون لها يوم القيامة، فكيف بمن أكل الحقوق؟ كيف بمن استولى على الأموال بغير حق؟ كيف بمن ظلم أهله أو زوجه أو أبناءه؟ فروا إلى الله، فإنها أوقات مباركة، وليال فاضلة، وأواخر فيها عتق من النار، فيها إدراك لليلة القدر، فيها ختام شهر يعتق الله عز وجل من النار من شاء ممن أخلص وأقبل عليه سبحانه وتعالى.