بعض الناس لا يرتاح لسانه إلا إذا نام، أما إذا كان مستيقظاً فلابد أن يتكلم كلاماً نافعاً أو ضاراً، محتاجاً إليه أو غير محتاج إليه، طلب منه أولم يطلب منه، فتجد بعض الناس لا يكون في مجلس إلا ويستأثر بالكلام، فإذا به يخبر عما سلف من أيامه وعن حياته، ويعلم الناس بما وقع له في حله وترحاله، وما أكل في الصباح وما ينوي أن يأكله بالمساء، كأن الناس منشغلون به ومهتمون بحاله أو منتفعون بمقاله، وهؤلاء هم صنف الثقلاء، الذين يثقلون على الناس بكثرة كلامهم وجلوسهم وغلظ أسلوبهم، وقد كان بعض السلف يستثقلهم، وكان من مشاهير هؤلاء الذين يستثقلون الثقلاء الأوزاعي وهو من التابعين، وله في ذلك لطائف وطرائف كثيرة منها: أنه رئي مرة وهو يسير بين ثقيلين فقيل له: كيف الحال؟ فقال: الروح في النزع.
أي: بلغت روحه الحلقوم.