وهناك وسيلة أخرى عظيمة أيضاً: وهي الصلة بعباد الله.
قال القرطبي رحمه الله: اتفقت الملة على أن صلة الرحم واجبة، وقطيعتها محرمة.
وقال في بيان هذه الصلة وسعة رحمه الله: وبالجملة فالرحم على وجهين: عامة وخاصة، فالعامة رحم الدين، فيجب مواصلتها بملازمة الإيمان والمحبة لأهله، ونصرتهم، والنصيحة لهم، وترك مضارتهم، والعدل بينهم، والإنصاف في معاملتهم، والقيام بحقوقهم الواجبة، وأما الرحم الخاصة فهي رحم القرابة من طرفي الرجل أبيه وأمه، فتجب لهم الحقوق العامة والخاصة، أي: تجب لهم الحقوق العامة وزيادة كالنفقة، وتفقد أحوالهم، وترك التغافل عنهم في أوقات ضروراتهم.
وتلك أيضاً صلة نرى أثرها في هذا الشهر عندما يتفقد الناس أقاربهم، ويصلون أرحامهم، ويجددون علائقهم، وينهون قطيعتهم، ويتغافرون فيما بينهم، ويعفو بعضهم عن بعض؛ لأن القلوب عمرت بالإيمان؛ ولأن النفوس غمرت بالمحبة والرحمة والمودة؛ ولأن الجميع يريد أن ينال من رحمة الله، ويريد أن يعمل كل ما يقربه إلى الله عز وجل.
وتلك الرحم نعلم أن لها في ديننا أهمية عظيمة، كما أخبر الحق سبحانه وتعالى بقوله: {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء:1]، وكما أمر جل وعلا بقوله: {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ} [الإسراء:26].