روى أحمد وأبو داود من حديث جابر بن عبد الله وأبي سهل الأنصاريين قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من امرئ يخذل مسلماً في موطن ينتقص فيه من عرضه، وينتهك فيه من حرمته إلا خذله الله في موطن يحب فيه نصرته، وما من امرئ ينصر مسلماً في موضع ينتقص فيه من عرضه، وينتهك فيه من حرمته إلا نصره الله في موطن يحب فيه نصرته).
قد يمر بك الطعن فيمن له خير وفضل، وفيمن لا يكون هذا الأمر الذي وقع فيه موجباً للتشهير به؛ فيكون هذا الحديث شاهداً لك، ودليلاً لك إن انتصرت له، وذببت عن عرضه، وبينت ما يلزم من الستر، مع التنبيه على أن الخطأ لا يصوب بحال من الأحوال، وأن الحلال لا ينقلب حراماً بحال من الأحوال، والتنبيه يكون مع لزوم الأدب، ومع الحرص على هذا الأمر.
كان بين خالد بن الوليد وبين سعد بن أبي وقاص كلام، كما يحصل بين الناس عند الاختلاف، فتناول رجل خالداً عند سعد، أي: ذكره بأمر، ومعلوم أن المذكور خالد، والسامع سعد، فربما يظن الظان أنه قد يفرح بذلك أو يسكت عنه؛ لأن بينهما شيئاً من الخلاف، فقال سعد: إن الذي بيننا لم يبلغ ديننا.
فينبغي أن يكون الخلاف بيننا لا يؤدي إلى ما هو أبلغ منه وإلى ما هو أعظم منه في هذا الشأن.