عن أسماء بنت يزيد قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يصلح الكذب إلا في ثلاث: الرجل يكذب في الحرب -فإن الحرب خدعة-، والرجل يكذب بين الرجلين ليصلح بينهما، والرجل يكذب للمرأة ليرضيها بذلك) رواه الترمذي وأحمد.
وشاهدنا منه أنك في بعض الأحيان قد تلطف القول، وقد تسعى للإصلاح، فتقول ما ليس بواقع حقيقة، فتجد من ينتقد ذلك أو ربما يشنع على هذا الفعل؛ لأنه يرى فيه تجاوزاً، ويرى فيه بعداً عن الغيرة عن الدين، ونحو ذلك مما يتوهمه، وهذا ليس بصحيح، فإن سفيان بن عيينة قال تعليقاً على هذا الحديث: لو أن رجلاً اعتذر إلى رجل فحرف الكلام وحسنه ليرضيه بذلك لم يكن كاذباً، لماذا؟ قال: يتأول الحديث: (ليس الكذاب من أصلح بين الناس) فإصلاحه ما بينه وبين صاحبه أفضل من إصلاح ما بين الناس.
عمر رضي الله عنه وهو من نعلم شدته، ومن نعلم حرصه على إقامة الحق بكل وجه من الوجوه، روي أن رجلاً في عهد عمر قال لامرأته: نشدتك بالله هل تحبينني؟! قالت: أما إذ نشدتني بالله فلا، أي: ما دام المسألة فيها يمين وفيها قضية فاصلة فلا؛ لأنها لا تريد أن تكذب، فخرج حتى أتى عمر فأخبره، فأرسل إليها عمر فقال: أنت التي تقولين لزوجك: لا أحبك؟ فقالت: يا أمير المؤمنين! نشدني بالله، أفأكذب؟! قال: نعم فاكذبي، ليس كل البيوت تبنى على الحب، ولكن الناس يتعاشرون بالإسلام والأحساب.
هذا الموقف صح عن عمر وهو الشديد وهذا يبين لنا أثر المقاصد الحسنة في تجويز الكذب أحياناً، ما لم يكن في ذلك مخالفة لحكم صحيح أو تغيير لحكم من حل إلى حرمة أو نحو ذلك، فالمقصد الحسن يعفو عن قليل الكذب؛ ليصلح بين الناس، مع بيان الحق، والنصح للمسلمين.