سلبيات الحماسة

لا شك -أيها القارئ- أنك الآن قد تكون متحمساً، وأننا قد زينا الحماسة، ولكن إلى أي مدىً نمضي مع الحماسة؟ وهل الحماسة أمر ما تزال تشتعل ناره وتزيد وتعظم من أمره دون أن يكون هناك ما يرشده أو يكمله أو يسدده؟ إن طبيعة الأمور الساخنة أنها إذا اشتدت وزادت يكون فيها ما لا يتفق مع المطلوب منها، ولا يتكامل مع الثمرة المنشودة أو المرغوبة فيها، ومن هنا فإن الحماسة في صورتين -إما زيادة عن حدها، وإما اختلال في مسارها- لا تكون حماسة محمودة، وتعود تلك الثمرات لتكون حشرات.

وكما قلت: فالموضوع شائك لا شائق، وإن كان قد يصدق فيه الوصفان، فهنا انعطافة ينظر بها إلى الصورة الأخرى وإلى الشق الآخر حتى تكتمل الرؤية من جوانبها المختلفة؛ لأنه ليس من مصلحتنا في شيء دائماً أن نسمع من الناس ما نرغبه وما نحبه، بل بالعكس، فالإنسان يستفيد أكثر ممن قد يكون له وجهة نظر أخرى، وممن قد يكون له من بيئته ومن تنشئته ومن معرفته ما قد لا يتفق معك، فحينئذ يحصل نوع من التبادل والتكامل والامتزاج النافع والمفيد.

ونحن لا ينبغي أن نفرح عندما نجد من يضرب على ظهورنا ويؤيد مواقفنا في كل شيء، وربما نجد أن طبيعة العاطفة تدعو إلى ذلك، بل الذي نحبه ونأنس به هو ذلك الذي يوافقنا في كل ما نقول، ويسايرنا في كل ما نعمل، ويعطينا الدعم المعنوي والإيجابي في كل مبدأ أو رأي أو موقف نتخذه دون أن يكون عنده أدنى تحفظ حتى ولو أخطأنا، وحتى لو توقع في مستقبل الأمر أن تكون هناك احتمالات بوجود عواقب أو مخاطر أو نحو ذلك، لذا لابد أن نأخذ هذا الجانب مرة أخرى في صورة مغايرة لما سبق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015