ما قاله بعض الناس ممن يعرفون الشيخ هو موضع درس وعبرة واتعاظ؛ لأننا نحتاج إلى أن نعرف الرجال ليس في آخر مشهد من حياتهم، ولكن في مسيرة حياتهم في مبادئهم في أعمالهم في منهجيتهم في طريقة تأثيرهم وتغييرهم فيما أنشئوه وعملوه.
وقد سئل رحمه الله سؤالاً: هل ألفت كتباً؟ فقال: (لا.
لست كاتباً ولا أؤلف كتباً؛ لكنني كنت لا أعلم شيئاً إلا عملته وعلمته، فما من آية أعلمها أو حديث إلا عملت بها جهدي وعلمتها).
لقد كان هذا منهجه؛ ولذلك سيذكر الشيخ لا بطبعات من الكتب يعاد طبعها، وإنما بأجيال تتتابع على طريق الجهاد والاستشهاد، وكما سبقه من أبنائه سيلحقه من أبنائه من يجدد سيرته وذكره رحمه الله.
أحد المقربين إليه يقول: (لم أر إنساناً في حياتي فوض أمره إلى الله مثل الشيخ رحمه الله، كان عظيم التوكل على الله عز وجل والاعتماد عليه) ويقول آخر: (القعيد الذي أقام العالم حين تراه ثم تسمع عن إنجازاته تدرك تماماً قول الله جل وعلا في الحديث القدسي: (فإذا أحببته كنت بصره الذي يبصر به، وسمعه الذي يسمع به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها)).
قال بعضهم بلسان حاله: (إن الروح إذا سمت فعلت الأفاعيل، ولو كانت قعيدة كرسي متحرك، وإن كانت حبيسة شلل بين؛ فإن الروح وسموها يرتفع إلى الله عز وجل، ولن يقطع حبلها بربها أحد، ولم يمنعها من الانتصار حبس)، انتصر الرجل -والله- رغم هزيمة الأمة، فحق أن يقال عنه: إنه كان وحده أمة! نسأل الله عز وجل أن يتقبله في الشهداء، وأن يسكنه فسيح جناته، وأن يجعل دمه لعنة على الظالمين والطغاة المجرمين من اليهود وأعوانهم أجمعين، وأن يجعله وقود حركة وإيمان، وغيرة ووحدة، ونصرة وعزة، ومقاومة في أمة الإسلام والمسلمين.
أقول هذا القول، وأستغفر الله العظيم لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.