وأخيراًًً: لابد من رسالة نختم بها، وهي رسالة التطمين: فلنطمئن لا بشخصنا، بل لأن الله عز وجل قضى بأن ينصر دينه، وأن يعلي كلمته، وأن يرفع رايته، فإن لم يكن بنا فسيكون بغيرنا، وإن تخلينا: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ} [المائدة:54].
فخذ التطمين من قوله سبحانه: {الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ} [المائدة:3]، فلن يستطيعوا له استئصالاً وإن فعلوا ما فعلوا، ولن يستطيعوا عليه غلبة وإن تقووا بما تقووا، لكن المطلوب منا ما ذكره سبحانه في تتمة الآية: {الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي} [المائدة:3] فاجعلوا خشية الله في قلوبكم أعظم من خشية الدول العظمى، والمؤسسات الدولية، والأنظمة العالمية وغيرها، فحينئذ تكونون أثبت وأقوم، وأقدر على مواجهة كل خطر، قال عز وجل: {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} [التوبة:32] فاطمئنوا، لكن الطمأنينة وعد الله بفعل البشر الذي يقدره، فلابد من بذل كل غالٍ ورخيص حفاظاً على ديننا، وغيرة على حرماتنا، ونصراً وانتصاراً لمقدساتنا.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يحفظ علينا إيماننا وإسلامنا وأخلاقنا، وأن يردنا إلى دينه رداً جميلاً.
اللهم إنا نسألك العفو والعافية والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة.
اللهم تول أمرنا، وارحم ضعفنا، واجبر كسرنا، واغفر ذنبنا، وبلغنا فيما يرضيك آمالنا.
اللهم طهر قلوبنا، وزك نفوسنا، وحسن أقوالنا، وأخلص نياتنا، وأصلح أعمالنا، وضاعف أجورنا، وارفع درجاتنا، وامح سيئاتنا.
اللهم إنا نسألك أن تجعل خير أعمالنا خواتمها، وخير أيامنا يوم نلقاك فيه وأنت راضٍ عنا.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وارفع بفضلك كلمة الحق والدين، ونكس راية الكفرة والملحدين.
اللهم من أرادنا وأراد الإسلام والمسلمين بخير فوفقه لكل خير، ومن أرادنا وأراد الإسلام والمسلمين بسوء فاجعل دائرة السوء عليه، واجعل تدبيره تدميراً عليه.
اللهم عليك بسائر أعداء الدين فإنهم لا يعجزونك، أحصهم اللهم عدداً، واقتلهم اللهم بدداً، ولا تغادر اللهم منهم أحداً، أرنا فيهم عجائب قدرتك، وعظيم سطوتك، زلزل اللهم الأرض تحت أقدامهم، وخذهم أخذ عزيز مقتدر، اقذف اللهم الرعب في قلوبهم، واجعل الخلف في صفوفهم، واستأصل شأفتهم، ودمر قوتهم، واجعل الدائرة عليهم يا قوي يا عزيز يا متين! اللهم إنا نسألك العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة.
اللهم انصر عبادك وجندك المجاهدين، اللهم رحمتك ولطفك بإخواننا المسلمين المضطهدين المعذبين المشردين، والأسرى والمسجونين في كل مكان يا رب العالمين.
اللهم اجعل هذا البلد آمناً مطمئناً رخاءً وسائر بلاد المسلمين، وأصلح اللهم أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين.
اللهم وفق ولي أمرنا لهداك، واجعل عمله في رضاك، وارزقه بطانة صالحة تدله على الخير وتحثه عليه يا سميع الدعاء.
عباد الله! صلوا وسلموا على رسول الله؛ استجابة لأمر الله: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:56] وترضوا على الصحابة الكرام وأخص منهم بالذكر ذوي القدر العلي والمقام الجلي: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، وعلى سائر الصحابة والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعلينا وعلى عباد الله الصالحين، والحمد لله رب العالمين.