رمضان والانتصار: إنها حقيقة مهمة لابد أن نقف عندها وقفات كثيرة: ففي رمضان يحصل انتصار على الشهوات والملذات، وانتصار على علل النفس والنزغات، وانتصار على الضغائن والخصومات، تلك هي حقيقة هذا الشهر في أمة الإسلام إذا وعت وأدركت المقاصد العظيمة والحكم الجليلة في مثل هذه الفريضة.
إنه انتصار لهذا الشهر على سلطان شهوة الجسد، وعلى الكبر والغرور في النفس، وعلى العادات والتقاليد المخالفة في المجتمع، وعلى السمعة والرياء في الأعمال، وعلى القوة والأذى من الأعداء.
إن رمضان الذي يحقق انتصار المؤمن في نفسه، وانتصاره على ضعفه، وانتصاره على شيطانه يحقق في حقيقة الأمر انتصار الأمة على ضعفها وذلها وخذلانها واستسلامها لأعدائها؛ وذلك الذي تجدد في يوم بدر؛ اليوم الذي سماه الله عز وجل يوم الفرقان.
وهكذا فتح مكة الذي كان نهاية لصورة الجاهلية والظلم والطغيان، وما جرى بعد ذلك من فتوح وانتصارات في رمضان، نعم قد يكون اتفاقاً في التاريخ، لكنه قطعاً تجدد في معاني الانتصار الحقيقية في أوصال الأمة، بدءاً من قوة إيمانها، ومروراً بقوة وحدتها، وانتهاءً بقوتها المادية العملية.
واليوم نتساءل: هل هذه المعاني موجودة في حياة أمتنا؟ وما هو الواقع بين عام مضى وعام أتى؟