وأضيف إلى هذا أمراً آخر، وهو التوريث: فما الذي نورثه لأبنائنا؟ وما الذي نعلمه لهم؟ وما الذي نعتني به في شأنهم؟ قال عز وجل: {وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمْ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [البقرة:132]، إن أعظم ما تعطيه وتعنى به، وتنتبه له، وتحرص عليه، وتتابعه وتقيمه، وتنميه وتزيده؛ هو الدين، (وصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب) رسل الله، أنبياء الله، وصوا بالدين والإيمان والإسلام، وورثوه لأبنائهم، وعنوا به، وذلك ما كان من شأن النبي صلى الله عليه وسلم، فما الذي كان في آخر حياته من الكلمات والألفاظ؟ هل أوصى بالزوجة والأبناء؟ أو بالثروات والأموال؟ أم كان يقول: (الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم) ويقول: (لا تتخذوا قبري عيداً) إلى آخر نفس، كما قال تعالى: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [الحجر:99]؟ فهذا سعد بن الربيع من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في يوم أحد، وبعد أن أصيب عند آخر لفظة من حياته كان يقول: (بلغوا قومي: أنه ليس فيهم خير قط إن خلص إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيهم عين تطرف) استولى الإيمان والدين على القلوب فنطقت به الألسنة في أحرج اللحظات وأحرج المواقف، بل في وداع الدنيا واستقبال الآخرة.
نسأل الله عز وجل أن يردنا إلى دينه رداً جميلاً، وأن يعظم الإيمان في قلوبنا، وأن يرسخ اليقين في نفوسنا، وأن يظهر الإسلام في أحوالنا وأقوالنا وأفعالنا، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
أقول هذا القول، واستغفر الله العظيم لي ولكم من كل ذنب، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.