بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، نحمده سبحانه وتعالى كما يليق بجلاله وعظيم سلطانه، ونصلي ونسلم على خاتم الأنبياء والمرسلين سيد الأولين والآخرين، إمام المتقين وقائد الغر المحجلين إلى جنات النعيم، نبينا محمد الصادق الوعد الأمين، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وصحابته الغر الميامين، وعلى من تبعهم واقتفى أثرهم ونهج نهجهم إلى يوم الدين، وعلينا وعلى عباد الله الصالحين.
أما بعد: فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يعظم أجورنا وأن يحسن خواتمنا، وأن يجعلنا منقلبين إليه على خير وفي طاعة وعلى ثبات وهداية؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه.
أخي الكريم! موضوعنا عنوانه (المرأة القدوة) وهذا الموضوع أحسب أنه من الموضوعات التي لها أهمية عظيمة، ذلك بأنه تترتب عليه كثير من الفوائد والمصالح، كما أن فقدانه يترتب عليه كثير من المضار والمفاسد، ولعلنا نشرع في هذا الموضوع بهذه النقطة المتصلة بأهمية الموضوع وخصيصة التركيز على المرأة القدوة.
فأقول مستعيناً بالله عز وجل: إن وجود المرأة القدوة من أعظم أسباب القوة والالتزام والعطاء في المجتمع المسلم، وذلك لأن وجود المرأة القدوة يعني وجود البنت الصالحة والزوجة الصالحة والأم المربية، وبالتالي وجود الأسرة الناجحة والذرية الصالحة والمجتمع المسلم المنشود، فنحن عندما نولي المرأة اهتماماً كبيراً فإننا نهيئ أسباباً عظيمة لأهم الأمور وأخطرها في بناء المجتمعات عموماً، وفي بناء المجتمع المسلم خصوصاً، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد جعل لهذا مزيةً بحيث جعل خصوصية لمن عال جاريتين أو رباهما بأنهما يكونان من أسباب دخوله الجنة، وكما قال عليه الصلاة والسلام فيما صح عنه: (من ابتلي بشيء من هؤلاء البنات فأحسن تربيتهن والقيام بأمرهن كن له نجاة من النار).
ليس هذا القول منه عليه الصلاة والسلام لمجرد معاني الشفقة والرحمة فقط، وإنما لمعاني البناء والتربية والتأسيس الذي ينتج عنه بعد ذلك، كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم في بيان أعظم النعم وأعظم المتاع التي يبحث عنها في هذه الحياة الاجتماعية في هذه الحياة الدنيا، وذلك عندما قال عليه الصلاة والسلام: (الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة) وعندما جعل الظفر بهذه النتيجة من أعظم نتائج الظفر وأبلغه قال عليه الصلاة والسلام: (فاظفر بذات الدين تربت يداك)، بعد ذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم في تعظيم حقوق الأمهات، لما لهن من فضل في التربية والتنشئة والتعليم والتعويد على أمور الخير: (الجنة تحت ظلال الأمهات).
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم في شأن البر عندما سئل: (من أحق الناس بحسن صحابتي يا رسول الله؟ قال: أمك.
قال: ثم من؟ قال: أمك.
قال: ثم من؟ قال: أمك.
قال: ثم من؟ قال: أبوك) (وهذا رجل يكتتب في الغزو فيأتي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول: إني اكتتبت في الغزو وإن أمي مريضة.
قال: ففيها فجاهد).