ما يستحب في الأضحية وما يكره فيها؟ ورد من حديث أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم (أنه كان يضحي بكبشين أملحين أقرنين، يطأ على صفاحهما -والصفح هو جانب العنق- ويذبحهما بيده ويقول: باسم الله، والله أكبر) والحديث متفق عليه، وفيه: استحباب وتأكيد اختيار الأفضل والأحسن، وما ليس فيه عيب كما سيأتي؛ لأنه قال: (كبشين أملحين)، والأملح هو الذي فيه سواد وبياض، ويكون البياض أكثر، ويدل هذا على نوع من الجمال أو البهاء فيه.
وفيه: استحباب أن يذبح المرء الأضحية بنفسه إن قدر على ذلك، بل قد قال أهل العلم: وكذا يستحب للمرأة أن تذبح أضحيتها إن قدرت عليها، فقد روي عن أبي موسى: (أنه كان يأمر بناته أن يذبحن ضحاياهن بأيديهن)، وهذا مما يستفاد من هذا الحديث.
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن الرسول عليه الصلاة والسلام (أنه ضحى بكبش أقرن فحيل، يأكل في سواد، ويشرب في سواد، وينظر في سواد، ويمشي في سواد) والحديث حسن أخرجه الترمذي، والفحيل هو: الكريم المختار من الفحلة، أي: الجيد، وقيل أيضاً: الفحيل: المنجب في ضرابه، وأراد به النبل وعظم الخلق، أي: يختار من الجيد.
قوله: (يأكل في سواد) أي: أحاط بفمه لون أسود.
وكذلك بالنسبة لقوله: (ينظر في سواد، ويمشي في سواد) إلى آخره، أي: تلك المواضع سوداء، وسائر بدنه أبيض، وهو مطابق لقوله: الأملح.
وقد وردت أحاديث صحيحة عن النبي عليه الصلاة والسلام في اختيار الأضحية، فروى الإمام أحمد والترمذي وأبو داود وابن ماجة من حديث علي قال: (أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستشرف العين والأذن، وألا نضحي بمقابلة ولا مدابرة ولا شرقاء ولا خرقاء)، المقابلة: ما قطع طرف أذنها.
والمدابرة: ما قطع من جانب الأذن، والشرقاء: المشقوقة الأذن، والخرقاء: المثقوبة.
ولعل سائلاً يقول: وما دخل الأذن بالأضحية، إنما يؤكل لحمها؟! نقول: هو عيب يبخس من قيمتها، فكأن المرء لا يضحي لله إلا بما هو هين عنده أو هين عند الناس، وهذا لا ينبغي أن يكون، بل يستحب أن تكون الأضحية من الأواسط والكرائم إن استطاع.
وقوله: (نستشرف العين والأذن) أي: ننظر إلى صحتها وعظمها، وهذا مثل هذا.