الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد: فهذا موعدنا مع الدرس السابع والأربعين، وهو بعنوان: في صحبة الإمام أحمد، وهي صحبة كريمة مع إمام جليل، وغرض الصحبة أن ننظر في حاله، وأن نستمع إلى أقواله، وأن نقتبس من أفعاله، غير أنا جزماً لا نزعم أنا نحيط بسيرته، ولا نجمع جميع دروس وعبر مواقفه وأقواله وأفعاله، فإن المدعي لذلك كمن يدعي قدرته على أن يجمع ماء البحر في قارورة، فلو ادعى ذلك فلن يحظى إلا بقدر ملء هذه القارورة من ماء البحر، وحسبنا أن نغترف من بحر علمه وفضله وجوده وكرمه وجميع خلاله الحميدة، فإن في ذلك ما ينفع ويهدي بإذن الله عز وجل، في زمن قل فيه الثقات، وصعد فيه النكرات، واختلطت فيه الأولويات، وقل من الناس من عاد يميز بين الغث والسمين، ومن يفقه فقه أولئك الأئمة رحمة الله عليهم ورضوان الله عنهم، وكما قال القائل أقول: من أين أبدأ قولي أيها البطل وأنت أبعد مما تخطب الجُمَلُ كل القوافي التي استنصرتها وقفت مبهورة وبدا في وجهها الوجل ماذا نقول وصرح العلم شامخة أركانه وبناء المجد مكتمل ماذا تقول قوافي الشعر عن رجل كل يقول له هذا هو الرجل ولذلك حسبنا ومضات وقبسات من مواقف وسيرة الإمام الجليل أحمد رحمة الله عليه؛ وسنمضي بصحبة متنوعة، غرضنا منها أن نرى التمايز والبون الشاسع بينما كانوا عليه وما صرنا إليه، عل ذلك يقوي العزم على اقتفاء آثار السلف، وأن نفقه فقههم الإيماني، وأن نسلك سلوكهم القرآني، فنبدأ مع الإمام أحمد بعيداً عما تستلهمه التراجم من ذكر المولد والشيوخ والتلاميذ، وما يتعلق بالرحلة في طلب العلم ونحو ذلك؛ لأنا نريد أن نخلص إلى ما هو أكثر تأثيراً فينا واحتياجاً لنا بإذن الله عز وجل.