انظروا إلى أي مدى يسطر عمر منهج القضاء، وانظروا أيضاً ماذا يتعين على القاضي! (الفهم الفهم! وانظر الأشباه والنظائر) يعني: كن محيطاً بغالب القضايا المتقدمة، وبآراء سلف الأمة، وهذه حصيلة ليست بسيطة، ثم ينظر أيها أقرب إلى كتاب الله وسنة رسوله، هذه مسئوليات ليست بالهينة، وأي القضاة يدرك ويجمع ذلك كله؟ وكما قال مالك رحمه الله: لو أننا أخذنا بكلام العلماء فيما يشترط في القاضي أن يكون عليه، لما وجدنا أحداً يصلح للقضاء! أي: لا يوجد أحد تجتمع فيه هذه الأمور، مع ما يذكرون في ذاته من الورع والتقى والصلاح والأمانة وذكر الله إلى آخره، ولكن يقضي بين الناس الأشبه فالأشبه، والأمثل فالأمثل، فمهما كانوا على حد من المعرفة أو من التقى، فلا بد أن نأخذ الأمثل فيهم وننصبه قاضياً عليهم، ولو لم يصل إلى درجة القضاة الذين يقول عنهم السلف.