عظم قدر النبي صلى الله عليه وسلم وعلو شأنه في حصول أحداث عظيمة عند مولده ونشأته

أحداث الإيجاد، أي الإيجاد الفعلي: رافق الإيجاد الفعلي للنبي صلى الله عليه وسلم مجموعة من الأحداث الدالة على رفعة شأنه وتعظيم قدره ومن هذه الأحداث: أولاً: أحداث يوم مولده: فمنها انصداع الإيوان، أي: إيوان كسرى، وهذا الصدع لا زال موجوداً إلى اليوم، ولما جئنا إلى المدائن وجئنا إلى إيوانه نظرت فإذا صدع في الجدار على ارتفاع ما يقرب من عشرة أمتار، والإيوان ارتفاعه لا يقل عن عشرين متراً، وجداره من أسفل في الأساس بعرض المترين وينتهي من أعلى إلى نصف المتر، وهذا الصدع تأملت ونظرت إليه، فإذا بالملحق الثقافي في السفارة السعودية يقول: ماذا تبحث يا فلان؟! قلت: أبحث عن جهة القبلة -جهة مكة- فأشار إلى الجهة التي فيها الصدع في هذا الجدار، فقلت: نعم الله، أكبر! قال: على ماذا؟ قلت: هذا الصدع قديم؛ لأنه الذي جاءت الأخبار فيه أنه انصدع يوم ولد صلى الله عليه وسلم، فسأل المسئولين هناك عن السياحة: متى كان هذا؟ قالوا: ولدنا وهو موجود ولا نعلم له تاريخاً، فلا يزال هذا الصدع موجوداً في هذا الإيوان في هذا الجدار.

ومن ذلك إخماد نار فارس، وجفاف بحيرة ساوة.

لما فيه من تنبيه العالم بحدث جديد.

ثانياً: أحداث رضاعه: ومنها أخباره مع حليمة مرضعته من نزول الخير والبركة بأهل بيتها وبأرض قومها، ومن شق صدره في طفولته.

نعم وألف نعم في كل ما تقدم ما يفصح ويوضح عظيم قدره ورفعة شأنه صلوات الله وسلامه عليه، بل إن في ذاته وصفاته من حيث خلْقه وخلُقه العظيم، وحسبه ونسبه الطاهر، وما أجراه الله له من الأخبار عنه قبل مجيئه والأخبار عن أصحابه معه، وأخذ المواثيق والعهود له من النبيين قبل، وإشهاد بعضهم على بعض، وشهادة الله معهم، لئن جاءهم في أزمانهم ليؤمنن به ولينصرنه.

وفي دعوة إبراهيم وبشرى عيسى وموسى عليهم السلام، وما كان ليلة الإسراء من لقيا الأنبياء وصلاته بهم، وما اطلع عليه من نتائج أعمال العباد من جنة أو نار، وجرى له أمور عظيمة عنده سدرة المنتهى حين انتهى إليها جبريل وقال: تقدم أنت يا محمد! {إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى} [النجم:16]، ولم يزل بكامل حسه وإدراكه: {مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى * لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} [النجم:17 - 18]، وما كشف له عن مغيبات الملأ الأعلى، فأصبح الغيب له عياناً؛ كل ذلك أو بعضه يدل دلالة قاطعة على عظيم قدره وعلو شأنه صلوات الله وسلامه عليه.

ومما يزيد في علو قدره في ذلك أنها كلها خاصةً بجنابه لم يشاركه في واحدة منها، أحد من الخلق لا قبله ولا بعده، وهذا باعتراف العقلاء وشهادة الأعداء كما جاء عن هرقل وملوك العرب وشهد به النجاشي وغيره.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015