الحمد لله رب العالمين، أحمده وأشكره، وبه أستعين على أمور الدين والدنيا، فإنه خير معين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله سيد الأولين والآخرين، أفضل من صلى وصام وقام، وتهجد لله رب العالمين، جاهد في الله حق جهاده، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
أيها المسلمون! اتقوا الله عز وجل، وامتثلوا أمره واجتنبوا نواهيه، وأدوا الصلاة في أوقاتها المفروضة التي أوضحها الشارع الحكيم، واعلموا أن تأخير الصلاة عن وقتها حرام وكبيرة من كبائر الذنوب، وترك الصلاة بالكلية كفرٌ محض مخرج عن الإسلام، واعلموا وتيقنوا حق اليقين أن تارك الصلاة كافر، ولا يجوز للمسلم أن يزوجه من امرأة مؤمنة، وإذا مات تارك الصلاة لا يُورث ولا يُصلى عليه، ولا يُدفن في مقابر المسلمين، ولا تجوز مؤاكلته ولا مجالسته ولا مصاحبته ما دام تاركاً للصلاة؛ لأنه كافر يستتاب ثلاثة أيام، فإن تاب وأقام الصلاة؛ وإلا قتل حداً بالسيف مرتداً كافراً، هكذا يقول علماء المسلمين عليهم رحمة الله.
أيها السلمون! إن السكوت عن تارك الصلاة لا يسمح به الإسلام، وإنما نتج ذلك من نقص الإيمان وعدم المبالاة بأداء هذا الفرض العظيم الذي هو أحد أركان الإسلام بعد الشهادتين، الصلاة الصلاة يا عباد الله! الصلاة الصلاة يا أمة الإسلام! فإنها الركن العظيم بعد الشهادتين، فكيف يليق بالمسلمين أن يهملوا هذا الركن العظيم؟! وذلك بعدم التآمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولذلك يوجد كثير من أهل المحلات في محلاتهم لا يشهدون الصلاة مع المسلمين، بل يرخون الأبواب عليهم، ويحسبون أن الله لا يعلم بهم، ويحسبون أن الله لا يطلع عليهم وهم في محلاتهم، بل الله يعلم ما تخفي الصدور، وكيف لا يعلمك به في وسط محلك أيها الآثم وهو الله العليم الحكيم؟
وبعض الموظفين في دوائرهم والعمال في أعمالهم لا يشهدون الصلاة، وكذلك المجاورون للمساجد لا يشهدون الصلاة إلا القليل، ولو قلت لأحدهم: إنك كافر بتركك للصلاة لأوقفك -عند الحد الأقصى- وأخرج لك الهوية، وقال: انظر أنا مسلم ولا أصلي إلا إذا ذهبت إلى البيت، الله أكبر يا أمة الإسلام! إسلامٌ باللسان والهوية ومعاندة لرب العالمين بالفعل.
أيها المسلمون! إن خلو المساجد من كثير من الشباب يحزن القلب، ويندي الجبين، ويحز في النفس، ويرجع ذلك لمصلحة أعداء الإسلام الذين يحاولون ليل نهار إبعاد المسلمين عن دينهم الحنيف وعن تعاليم الإسلام وعن أخلاق الإسلام الفاضلة المؤهلة للنصر والتمكين في الأرض.
فيا عباد الله! حافظوا على صلواتكم وتآمروا بها، ومروا أهليكم وأولادكم بها؛ فإنهم أمانة في أعناقكم، فالصلاة آخر وصية محمد صلى الله عليه وسلم، إذ كان في آخر نفس يلفظه وهو يقول: {الصلاة الصلاة وما ملكت إيمانكم} فجدير بكل مؤمن أن يحافظ على وصيته صلى الله عليه وسلم، فأدوا الصلاة جماعة في بيوت الله، ولا تغتروا بمن عميت بصائرهم، وتحجرت قلوبهم، واشتد الران عليهم، فأصبحت أنفسهم الأمارة بالسوء تزين لهم فعلها في البيوت، كأنهم لم يسمعوا بما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه همَّ بإحراق بيوت المتخلفين عن الصلاة في المساجد بالنار؛ لأنهم تخلفوا عن أداء فرض من فروض الله في بيت من بيوت الله، ولم يمنعه من ذلك صلى الله عليه وسلم إلا ما في البيوت من النساء والصبيان الذين لم تجب عليهم الصلاة.
عباد الله! إن أحسن الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة ضلالة، وعليكم بجماعة المسلمين؛ فإن يد الله مع جماعة المسلمين، ومن شذَّ شذَّ في النار.
وصلوا على خير خلق الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم حيث أمركم الله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:56] ويقول صلى الله عليه وسلم: {من صلى علي صلاة صلىَّ الله عليه بها عشراً} اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن سائر أصحابه أجمعين وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وكرمك وإحسانك يا رب العالمين.
اللهم أعزنا بالإسلام، اللهم ردنا إليك رداً جميلاً، اللهم دمر أعداء الإسلام وأعداء المسلمين، اللهم من أراد بالإسلام والمؤمنين سوءاً فاشغله بنفسه، واجعل كيده في نحره، واجعل تدبيره تدميراً عليه يا رب العالمين.
اللهم مزق أعداء الإسلام والمسلمين تمزيقاً، اللهم ألق عليهم بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين، اللهم انصر المسلمين عليهم في مشارق الأرض ومغاربها يا رب العالمين، اللهم أصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم أرنا وإياهم الحق حقاً وارزقنا وإياهم اتباعه، وأرنا وإياهم الباطل باطلاً وارزقنا وإياهم اجتنابه، اللهم أصلح أولادنا ونساءنا، واجعلنا وإياهم هداة مهتدين، اللهم أصلح شباب الإسلام والمسلمين، اللهم ردنا وإياهم إليك رداً جميلاً، اللهم من أراد إفساد شباب الإسلام والمسلمين، فاجعل كيده في نحره، واجعل تدبيره تدميراً عليه، وأنزل به بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين، وحسبنا الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
اللهم ارفع عنا الغلاء والوباء والربا والزنا واللواط والزلازل والمحن وسوء الفتن، ما ظهر منها وما بطن، عن بلدنا هذا خاصة وعن سائر بلاد المسلمين عامة يا رب العلمين.
{رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ} [الأعراف:23] {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة:201].
عباد الله! {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا} [النحل:90 - 91] واذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على وافر نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.