عباد الله! إن ترك الصلاة بالكلية كفر يخرج عن ملة الإسلام والعياذ بالله! وسوف يكون مسكن تارك الصلاة في سقر، وسقر طبقة من طباق جهنم، أما المتهاونون عن الصلاة والمتأخرون عنها، ولا يبالون أصلوها في أوقاتها أو أخروها عن أوقاتها، فسوف يلقون غياً، وهو واد في جهنم قال تعالى: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً} [مريم:59] كم وقت من أوقات الصلاة تذهب وتمضي ونحن في انتظار الشوط الأول والأخير! كم وقت يمضي ونحن ننتظر متى نقضي لعبة البلوت والكنكان! كم من أوقات تنقضي ونحن أمام شاشة التلفاز وما يبثه لنا من برامج وأفلام! {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً} [مريم:59].
وأما الذين يصلون، ولكن لا يصلون الصلاة إلا بعد خروج وقتها، فأولئك موعدهم ويل، وويل واد في جهنم لو صيرت فيه جبال الدنيا لذابت من شدة حره أجارنا الله من ذلك!
عباد الله! حافظوا على الصلوات في جميع أوقاتها، وأقيموها وصلوها بخشوع وطمأنينة، وأدوها كاملة بأركانها وواجباتها وسننها تحوزوا الأجر العظيم، والبعض من الناس الذين لا يأتون إلى الصلاة إلا وهم كسالى يتمايلون من الكسل، وكأن النوم في أعينهم، وكأنهم مغصوبون على أداء الصلاة، ولو زادت الصلاة دقيقتين لخرج من المسجد؛ لأنه لم يأت إلى الصلاة عبادة، وإنما أتى عادة.
عباد الله! حافظوا على الصلوات بجميع أوقاتها، وأقيموها وصلوها بخشوع وطمأنينة، أدوها كاملة بأركانها وواجباتها وسننها، تحوزوا الأجر العظيم، والرضا من رب العالمين، ففي الحديث: {من حافظ على الصلوات الخمس، ركوعهن وسجودهن ومواقيتهن، وعلم أنهن حقاً من عند الله} أي: علم أن الصلاة حق من عند الله، فرضها الله على عبادة، وليست عادة {وجبت له الجنة أو قال: حرم على النار}.
ولما سأل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أحب الأعمال إلى الله، قال: {الصلاة على وقتها، الصلاة على وقتها، الصلاة على وقتها} كذلك يروي لنا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ذكر الصلاة يوماً فقال: {من حافظ عليها كانت له نوراً وبرهاناً ونجاةً يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم تكن له نوراً ولا برهاناً ولا نجاةً، وكان يوم القيامة مع قارون وفرعون وهامان وأبي بن خلف} وبئس القرناء!
يا عباد الله! من اشتغل بأمواله وتجاراته ووزارته وولده وملاذِّه عن الصلاة؛ فإنه يكون مع هؤلاء: قارون وفرعون وهامان وأبي بن خلف، كذلك الذين يسهرون على الملاهي ولعب القمار والميسر والورق وغيرها، ويقضون الصلاة ويؤخرونها عن أوقاتها، وذلك لانتظار الشوط الأول والأخير؛ هم كذلك إذا لم يتوبوا فسيحشرون مع قارون وفرعون وهامان وأبي بن خلف، إذا جاءت الصلاة ناموا عنها، ثم يقولون: نحن لم نستيقظ، يقضون ست ساعات مع السهر، ثم يقولون: لم نستيقظ، محال يا عباد الله! السهر والقيام مبكراً، ولكن نم مبكراً تقم مبكراً، اقتدوا برسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه {كان يكره النوم قبل صلاة العشاء والحديث بعدها}.
نعم يا عباد الله! الخير كل الخير، والسعادة والنجاة والفلاح في اتباع هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم والاقتداء به في جميع شئون الحياة، إن كنا مؤمنين {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ} [الأحزاب:21].
اللهم اهدينا في من هديت، وعافينا في من عافيت، وتولنا في من توليت، وأجرنا من الفتن، ما ظهر منها وما بطن أبداً ما أبقيتنا، اللهم اجعلنا ممن حافظ على الصلوات الخمس في أوقاتهن وأداهن على الوجه الذي يرضيك يا رب العالمين.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه من كل ذنب إنه هو الغفور الرحيم.