الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديهم إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
فيا أيها الناس: اتقوا الله تعالى، وتدبروا ما جاء في الكتاب والسنة المطهرة، وتمسكوا بهما؛ فإن الإعراض عنهما يوحي بوخامة العاقبة.
عباد الله: لقد ظهرت في هذه الأزمان المظلمة موجةٌ قويةٌ من العنف والسخط من بعض الأبناء والبنات للآباء والأمهات، وظهر من عدم الاحترام والتوقير، وما ذلك -يا عباد الله- إلا لأننا أعرضنا عن الكتاب والسنة، ففي القرآن والسنة نبأ عظيم، وفيه أن بر الوالدين فريضة لازمة، وواجب محتم، وعقوقهما حرام وذنب عظيم، وقد جعل الله بر الوالدين قرين توحيده وعبادته.
فيا إخواني في الله: ألا يكفي بهذا الوعيد؟! يقول صلى الله عليه وسلم: {ثلاثة لا يدخلون الجنة: مدمن الخمر، والعاق لوالديه، والديوث} والديوث: هو الذي يقر الخبث في أهله.
فالشاهد من هذا الحديث: أن العاق لا يدخل الجنة، ومن عق والده ووالدته فسوف يقيض الله له من يعقه عند الكبر.
ولقد سمعتم بقصة الشاب الذي طلبت منه والدته أن يوصلها إلى بعض أقاربها، ووقف في وجهها، وهو يعطيها من الشروط، ويتوعدها إن تأخرت عن نصف ساعة، فلبت طلبه، وقال: إذا أتيت إلى الباب، وسمعت بوق السيارة ولم تخرجي فسأذهب وأتركك، فلما أتى بعد نصف ساعة، وأعلن بوق السيارة ولم تخرج الأم، ذهب غاضباً مغضباً على أمه، وارتطم بحجرة كبيرة وهو الآن لا يستطيع أن يجلس، ولا يستطيع أن يمشي ولا يتحرك إلا بلسانه، وهذا -والله ثم والله- بعض من العقوبة بسبب عقوقه والدته.
وهذه قصة أخرى: كان شابٌ شريرٌ مدمنٌ للخمور، وكانت أمه تعظه وتنهاه عن هذه الطرق السيئة، ولكن كلما وقفت تنصحه، أشهر السكين في وجهها، فاستدعت رجال الأمن ليأخذوه، فأتوا وقالوا: نسجنه؟ قالت: لا، عالجوه انظروا إلى رحمة هذه الأم وحنانها فأدخل تحت العلاج، ولما مكث شهراً تحت العلاج، وخرج واتصل به قرناء السوء التي كانت تحذره منهم، اتصلوا به وأخذوه وبات عندهم ليلة، فاتصلت برجال الأمن: أين ابني؟ فبحثوا عنه، ووجدوه مرمياً في برميل القمامة!
فإنه لما اتصل به جلساء السوء الذين كانت تنهاه الوالدة الحنون عن مرافقتهم ومصاحبتهم، اتصل بهم تلك الليلة، وأعطوه إبرة الهروين المدمر للمجتمعات وللشعوب، وهو نوع من المخدرات، دخل علينا عن طريق أعداء الإسلام والمسلمين حسداً وحقداً على الإسلام وأهله، فلما أعطوه تلك الإبرة مات بين أيديهم، وأصبح جثةً هامدةً، وصاروا يبحثون عن الخلاص، ولكن ما هو الخلاص؟ وما هي النهاية؟! لقد حملوه وألقوه في برميل الزبالة: {وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ} [الحج:18].
انظروا -أيها الإخوة في الله- ماذا حصل من أثر العقوق وعواقبه وأصبحت هذه الأم في حالة حزنٍ شديدٍ عندما فقدت هذا الابن، وربما أهدت إليه الدعوات، وهي طالما أسدت إليه النصائح، ولكن لما عصى نصيحتها، مات شر ميتة، وحمل شر حمل، ووضع في برميل الزبالة، فتذكروا ذلك، وتفطنوا له.
اللهم اجعلنا هداة مهتدين، اللهم اجعلنا بارين يا رب العالمين.
ولكن إلى هذه الشفقة من هذه الأمة الحنون تقول عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها: {جاءتني مسكينة تحمل ابنتين لها، فأطعمتها ثلاث تمرات، فأعطت كل واحدة منهما تمرة، ورفعت إلى فيها تمرة لتأكلها، فاستطعمتها ابنتيها -شقت التمرة التي كانت تريد أن تأكلها بين ابنتيها- فأعجب شأنها ذلك عائشة رضي الله عنها، فذكرت الذي صنعت المرأة لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أنها لما رفعت تلك التمرة وهي محتاجة إليها، استطعمتها تلك البنتين وشقتها بينهما، فأعطت كل واحدة نصف تمرة، فقال صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أوجب لها الجنة، أو أعتقها بها من النار} أي بهذه التمرة، فانظروا إلى هذا الجزاء العظيم من الله! فيا للأسف الشديد لما يصنع بعض أهل هذا الزمان مع الوالدين من التقصير الشديد والعقوق!
أيها الإخوة: علينا أن نتقرب إلى الله، ونطيع الله جل وعلا حتى لا يسلط علينا أولادنا أو أهلنا، يقول بعض السلف: [[إني لأعصي الله وأرى ذلك في خلق دابتي وولدي وزوجتي]] فالله الله في التوبة النصوح والرجوع إلى الله عز وجل.
اللهم تب علينا إنك أنت التواب الرحيم، الله أحينا مسلمين، وتوفنا مسلمين، وألحقنا بالصالحين غير خزايا ولا مفتونين، اللهم إنا نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العليا أن تغيث قلوبنا بالإيمان.
عباد الله: أكثروا من الصلاة والسلام على رسول الله كما أمركم الله بقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:56] ويقول صلى الله عليه وسلم: {من صلى عليَّ صلاةً صلى الله عليه بها عشراً}.
اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر الصحابة أجمعين، وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وكرمك وإحسانك يا رب العالمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، اللهم دمر أعداء الإسلام والمسلمين، اللهم اشدد وطأتك عليهم يا رب العالمين.
اللهم أصلحنا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعلنا وإياهم هداة مهتدين.
اللهم انصر المجاهدين في سبيلك من المسلمين، اللهم انصر المجاهدين في سبيلك من المسلمين، اللهم انصر من نصر الدين وأهله، اللهم انصر من أراد إعلاء كلمة (لا إله إلا الله) يا رب العالمين، اللهم اخذل من خذل الدين وأهله، اللهم من أراد الإسلام والمسلمين بسوء فأشغله بنفسه، واجعل كيده في نحره، واجعل تدبيره تدميراً له يا سميع الدعاء.
اللهم دمر أعداء الإسلام والمسلمين من اليهود والنصارى والشيوعيين والملحدين والعلمانيين والبعثيين يا رب العالمين، اللهم اشدد عليهم وطأتك، اللهم اشدد عليهم وطأتك، وارفع عنهم يدك وعافيتك، اللهم مزقهم كل ممزق، اللهم اجعل بأسهم بينهم، اللهم دمرهم تدميراً يا سميع الدعاء، يا قريب الإجابة، يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم أسقنا غيثاً مغيثاً، هنيئاً مريئاً، سحاً غدقاً، نافعاً غير ضار اللهم أغثنا، اللهم أغثنا اللهم أغثنا اللهم أسقنا غيثاً مغيثاً، هنيئاً مريئاً، سحاً غدقاً، مجللاً طبقاً عاماً يا رب العالمين، نافعاً غير ضار، اللهم سقيا رحمة، اللهم إنا نستسقيك يا رب العالمين سقيا رحمة لا سقيا عذابٍ ولا هدمٍ ولا بلاءٍ ولا غرقٍ، اللهم أحي بلدك الميت، اللهم أحي بلدك الميت يا رب العالمين، اللهم انشر رحمتك على العباد يا من له الدنيا والآخرة، يا من لا تنفعه طاعة الطائعين، ولا تضره معصية العاصين، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.
عباد الله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا، واذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على وافر نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.