الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له من بعده، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الكبير المتعال ذو العظمة والكبرياء والجلال والعزة التي لا ترام، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، بعثه الله ليتمم مكارم الأخلاق صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
يا عباد الله: اتقوا الله عز وجل واعلموا أن الله حرم الكبر والإعجاب؛ لأنهما يسلبان الفضائل ويكسبان الرذائل، وليس لمن استوليا عليه قبول النصح ولا قبول التأديب؛ لأن المتكبر يعتقد في نفسه أنه جليلٌ عظيم متعال عن رتبة المتعلمين، وقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم الكبر بأنه: {بطر الحق وغمط الناس}.
والكبر والعجب من الصفات النفسية المرذولة، التي كثيراً ما تثير الغضب والحقد، وتورث العداوة والبغضاء، وتورث الاحتقار والازدراء بالناس واغتيابهم.
الكبر يجافي الصدق وكظم الغيظ، وقبول النصح.
الكبر يصد المرء عن النظر إلى عيوبه، ويحول بينه وبين العلم، وبينه وبين الانقياد للحق.
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: {الكبر بطر الحق} معناه: رده ودفعه وعدم قبوله وهو عالم به، سواءٌ كان من حقوق الله أو من حقوق عباده.
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: {غمط الناس} معناه: احتقارهم وتنقصهم، وذلك ناشئ عن عجب الإنسان بنفسه وتعاظمه عليهم وتنغصهم بقوله وفعله.