وهذا خباب بن الأرت عذب في الله، وصبر على دينه، وكان من تعذيب المشركين له، أن أوقدوا له ناراً وسحبوه إليها، فما أطفأها إلى شحم ظهره لما ذاب، كل ذلك وهو صابر على دينه لا يتزحزح عنه قيد شعره.
أيها المسلمون: هذه نماذج من ثبات المسلمين على دينهم مع شدة الأذى والتعذيب، أضف إلى ذلك ما قدموه في سبيل هذا الدين حماية لهذا الدين ونشره من جهاد بالأنفس والأموال، يتساقط منهم مئات الشهداء في المعارك وهم مغتبطون بذلك، فخورون بل تركوا من أجله الديار والأموال، وهاجروا فراراً بدينهم؛ أن يخدش أو يدنس يبتغون فضلاً من الله ورضوانا، وينصرون الله ورسوله.
وما ذلكم -يا أمة الإسلام- إلا لما عرفوا في هذا الدين من الخير والسعادة، فتأصل حبه في قلوبهم حتى صار أحب إليهم من أنفسهم وأولادهم وأموالهم وديارهم، حتى قال قائلهم: "إذا عرض بلاء فقدم مالك دون نفسك، فإن تجاوز البلاء، فقدم نفسك دون دينك".