الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشانه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، اللهم صلّ وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه، ومن دعا بدعوته واستن بسنته إلى يوم الدين.
أما بعد:
فيا أمة الإسلام: لقد سمعتم الأصول الثلاثة الجامعة لأنواع التوحيد، أما ما يضاد التوحيد من الشرك، فهو ثلاثة أقسام بالنسبة لأنواع التوحيد:
القسم الأول: الشرك بالربوبية، وهو نوعان:
شرك التعطيل: وهو أقبح أنواع الشرك كشرك فرعون لعنه الله إذ قال وما رب العالمين؟
وشرك الفلاسفة الذين ينكرون وجود الخالق عز وجل، ويسندون الحوادث بأسرها إلى أسباب يسمونها بأسماء مختلفة منها الطبيعة وغيرها، قاتلهم الله أنى يؤفكون.
ومنهم الشيوعية والملاحدة كالمجوس والقدرية , وأشباههم، ومشركي الصابئة، وعباد الشمس والنار.
وشرك المعطلة لأسماء الرب وأوصافه من غلاة الجهمية والقرامطة وغيرهم.
شرك من جعل مع الله إلهاً آخر: كشرك اليهود الذين يقولون: عزير ابن الله، تعالى الله عما يقولون.
وكشرك النصارى الذين يقولون: الله ثالث ثلاثة، فجعلوا المسيح إلهاً، وأمه إلهاً، وما من إله إلا إله واحد سبحانه وتعالى عما يقول الكفرة والفجرة والظالمون علواً كبيراً.
ويلتحق بهذا الشرك الشنيع من وجه شرك غلاة عباد القبور, الذين يزعمون أن أرواح الأولياء تتصرف بعد الموت، فيقضون الحاجات، ويفرجون الكربات، وينصرون من دعاهم، ويحفظون من التجأ إليهم، وقد كذبوا والله، فهم أموات لا يقضون الحاجات، ولا يفرجون الكربات، ولا ينصرون من دعاهم، ولا يحفظون من التجأ إليهم، هم والله كذبوا، فلا ناصر، ولا حافظ، ولا ضار، ولا نافع إلا الله، ولا رافع، ولا خافض، ولا معطي، ولا مانع إلا هو، الذي قال وقوله الحق: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ} [يونس:107] وقوله تعالى: {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [فاطر:2].
فأحذر إخواني الذين يذهبون إلى خارج البلاد، أحذرهم أن يغتروا بعباد القبور، وقد ذكر لنا كثيرٌ من الذين قدموا من الخارج أنهم ذهبوا بهم إلى الأضرحة، وقالوا لهم: إن أردتم أشياء من الغنى، أو الصحة، أو الزوجات، أو أي شيء من الدنيا، فلا عليكم إلا أن تطوفوا بهذا القبر -قبر الولي- وتسألونه، ولكن -ولله الحمد والمنة- كما قال المولى جلَّ وعلا: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} [إبراهيم:27] فسرعان -ولله الحمد- ما ينكرون عليهم ذلك، فإذا أنكروا عليهم ذلك، قابلوهم بلهجةٍ يقولونها: أنتم من الوهابية، نسألك اللهم العفو والعافية في الدنيا والآخرة.
أمة الإسلام: قد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم من اتخذ قبور الأنبياء والصالحين مساجد يصلي لله فيها، فكيف بمن اتخذ القبور أوثاناً يعبدها من دون الله؟
لو رأيتموهم -يا عباد الله- وهم يصيحون ويبكون عند تلك الأضرحة، وتلك القبور، ويتمسحون بها، ويأخذون من تلك الأتربة، وقد أعرضوا عن الله الذي يحيي ويميت وبيده النفع والضر، فلا حول ولا قوة إلا بالله، أسمعوهم هذا الحديث -يا عباد الله- ورد في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: {لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد} ويقول صلى الله عليه وسلم: {إن من أشرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء، والذين يتخذون القبور مساجد} ويقول صلى الله عليه وسلم: {إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك} ما أبلغ هذا القول من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
عباد الله: احذروا من الشرك الأصغر والأكبر، اللهم اجعلنا هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين.
ومن الشرك الأصغر -يا عباد الله- الحلف بغير الله، والرياء، وغيره من الأمور التي تؤدي أحياناً إلى الشرك الأكبر والعياذ بالله.
عباد الله: الله الله بتعلم العقيدة، الله الله بتعلم التوحيد، وارفعوا والهجوا بلسان الدعاء لله عز وجل, الذي قيض لهذه البلاد وما حولها الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، ورفع درجته في عليين، وأسكنه الفردوس الأعلى، ونحن معه ووالدينا ووالد والدينا وجميع المسلمين والمسلمات.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، اللهم دمّر أعداء الإسلام وأعداء المسلمين الذين يفسدون في الأرض، ولا يصلحون.
عباد الله! أكثروا من الصلاة والسلام على رسول الله امتثالاً لأمر الله: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:56] ويقول صلى الله عليه وسلم: {من صلى عليَّ صلاةً، صلى الله عليه بها عشراً}.
اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد، وارضَ اللهم عن خلفائه الراشدين: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي.
وعن سائر الصحابة أجمعين.