وهو الذي وقع فيه النزاع بين الرسل وأممهم في قديم الزمان وحديثه، وهو أساس الأمر ورأسه، ودعوة الرسل من أولهم نوح عليه السلام إلى آخرهم محمد صلى الله عليه وسلم، وهو معنى لا إله إلا الله، وهو الذي خلق من أجله جميع البشر، وخلقت من أجله الجنة والنار، وأرسل لأجل معرفته والعمل به جميع المرسلين، وهو توحيد الله، وهو توحيد الله بأفعال العباد كالدعاء والنذر والنحر والرجاء والخوف والاستعانة والاستغاثة والتوكل والرغبة والرهبة والإنابة، وغير ذلك، قال المولى جلَّ وعلا: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات:56] ومعنى يعبدون: يوحدون.
ويقول المولى جل وعلا: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً} [الإسراء:23] ويقول جلَّ وعلا: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً} [النساء:36] ويقول جلَّ وعلا: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء:25].
عباد الله: لابد أن يكون التوحيد بالنفي والإثبات، قال الله تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل:36] فدلت هذه الآية على أنه لابد في التوحيد من النفي والإثبات، فتثبت العبادة لله وحده، وتنفي عبادة ما سواه، وهو معنى قوله تعالى: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة:256].
وقوام التوحيد -يا عباد الله- على شيئين عظيمين هما:
1/ تجريد الإخلاص لله تعالى وحده لا شريك له كما قال تعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً} [الجن:18] وقوله جلَّ وعلا: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} [البينة:5] ويقول جل وعلا: {أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} [الزمر:3].
2/ تجريد المتابعة للرسول محمد صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الحشر:7] ويقول جلَّ وعلا: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [آل عمران:31] إلى غير ذلك من الآيات الدالة على وحدانية الله وتفرده بالعبادة والدين الخالص، وأن ذلك لا يقبل إلا إذا كان على شريعة رسول الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم.
أمة الإسلام: هذه هي الأصول الثلاثة الجامعة لأنواع التوحيد، والمنافية لأنواع الشرك والتنديد, قولاً وعملاً واعتقاداً، وقد بينها الله في القرآن، وعلى لسان رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، عرفها الله كل التعريف ليعرف ويعبد ويوحد ويذكر بأسمائه وصفاته، ويكون الدين كله لله كما قال تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [الأنعام:162 - 163].
اللهم اجعلنا مسلمين لك، موحدين لك، متبعين لشرعك، مهتدين بنبيك محمد صلى الله عليه وسلم.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم.