أيها الإخوة في الله: إن موت القلوب الذي عمّ الأكثرين من الناس، سبب لهم عدم المبالاة بأوامر الله, فأكثر الأولاد لا يعرفون المساجد, ولا يصلون في بيوت الله -فإنا لله وإنا إليه راجعون- والله ليست المصيبة مصيبة الدنيا ولا بفقد شيء من المال, إن المصيبة العظمى والكسر الذي لا يجبر هي -والله- مصيبة الدين فإنا لله وإنا إليه راجعون.
كم نسمع في البيوت من رجال تعدت أعمارهم الأربعين ماذا ينتظرون إلا هادم اللذات أن يأخذهم على غرة وهم لا يعرفون المساجد, فإنا لله وإنا إليه راجعون, وكثير من النساء لا يعرفن الصلاة, فعلى من تقع هذه المسئولية؟ على ولي أمرها {كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته}.
أيها الإخوة في الله: إن أسباب موت القلوب, جرأت الكثير من الناس على أكل الحرام, وعلى أكل الربا, وعلى أكل الرشوة, وعلى الغش, وعلى الخداع, وعلى بيع المحرمات: كالدخان والمخدرات والمسكرات بأنواعها, وجرأهم على أنهم جلبوا إلى بلاد الإسلام والمسلمين آلات اللهو واستحلوها, وأكلوا أثمانها وهي حرام, والقاعدة الفقهية تقول: "ما حرم استعماله فحرام ثمنه", لو كانت القلوب حية, لو كانت القلوب واعية لعرفنا أن أمامنا يوم عظيم, وأن أمامنا قيام بين يديّ رب العالمين.
أيها الإخوة في الله: يوم الجزاء الثاني يوم القيامة, يوم عظيم تبرز فيه الكائنات، وتظهر فيه الحقائق، وتنكشف فيه النيات, وتنشر فيه الدواوين.
أيها الرجل: إذا قيل لك يوم القيامة: ما السبب الذي جعلك تأتي بالخادمة والمربية وتتمتع بها وتجعلها بين أولادك وأهلك؟! ما هو الجواب بين يدي الله عز وجل؟ أما سمعت قول الرسول صلى الله عليه وسلم، أما سمعت المبلغ عن رب العالمين وهو يقول: {لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم} أما سمعت قول الرسول صلى الله عليه وسلم: {ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما} أعدّ لهذا جواباً بين يدي الله رب العالمين, ثم أعدّ للجواب صواباً.
أيها الإخوة في الله: إن موت القلوب أبعد الناس عن ذكر الله عز وجل, حتى غطى الغبار على كتاب الله عز وجلَّ, فإنا لله وإنا إليه راجعون, واستُحلت قراءة كتب أهل البدع والمحدثات, واستُحلت كتب الخلاعة والمجلات الهابطة والجرائد الساقطة وغيرها، وأعرضت القلوب عن ذكر الله قال تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} [طه:124].
أيها الإخوة في الله: اعلموا يا من تريدون النجاة يوم القيامة, أنه لا ينجو يوم القيامة إلا من أتى الله بقلب سليم, وما هو القلب السليم؟! القلب السليم هو: الصحيح الممتلئ بمحبة الله وإجلاله وتعظيمه, القلب السليم هو: المتحلي بامتثال أوامر الله واجتناب نواهيه, القلب السليم هو: الخالي من كل شبهة تعارض خبر الله, القلب السليم هو: الخالي من كل شهوة تميل إلى ما حرم الله, فاتقوا الله أيها المسلمون! وتجنبوا كل ما يمرض القلوب أو يميتها.
وإن أكثر ممرض وأعظم مميت للقلوب هو: الصدود عن ذكر الله, والصدود عن تلاوة كتاب الله, والإعراض عن هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم, وأكبر مميت للقلوب استماع الأغاني, والسهر, وقضاء الأوقات مع الأفلام والتمثيليات والمسلسلات التي جلبها أعداء الإسلام والمسلمين، فإنا لله وإنا إليه راجعون.