فالحذر يا عباد الله من فلتات اللسان, ومنها الكذب والغيبة, الغيبة التي صارت فاكهتنا في مجالسنا, نمزق أعراض الآخرين وأولئك يمزقون الأعراض, في المكاتب والمجالس والأسواق, فإنا لله وإنا إليه راجعون.
الغيبة التي وصفها الله بأبشع وصف كالذي يأكل لحم أخيه ميتاً, ثم النميمة وهي السعي بين الناس بطريق الإفساد, ويكفي بالنمام أنه لا يدخل الجنة, وفي الحديث: {لا يدخل الجنة نمام}.
احذروا من فلتات اللسان؛ ومن الفحش والسب واللعن الذي هرم عليه الآن الكبير, وشب عليه الصغير, حتى إن بعض الأطفال إذا اجتهد في اللعنة قال: (يلعن أبوك يلعن أمك يعلن جدك!) والأب يتبسم ويضحك -ولا حول ولا قوة إلا بالله- والأب يفرح لأنه نطق بهذه الكلمة الخبيثة, بل يقول له: أعد يا بني ويستبشر بهذه الكلمة الخبيثة.
كذلك القذف -يا عباد الله- كثيراً ما نسمعه كل هذا من حصائد اللسان: {وهل يكب الناس على وجوههم -أو قال: على مناخرهم- إلا حصائد ألسنتهم} صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم, مع الأسف الشديد على آداب الدين وأخلاقه القويمة, لقد شاع في كثير من الناس أخلاق سيئة من حصائد اللسان, فكثير من الناس لا يبالون بالكذب, ولا يهتمون به, ولم يحذروا من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: {إن الكذب يهدي إلى الفجور, وإن الفجور يهدي إلى النار, ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً}.
وبعضهم يصف كذبته بأنها كذبة بيضاء أو كذبة صغيرة, والرسول صلى الله عليه وسلم لما سمع امرأة تنادي طفلاً تقول: هاك فقال: {هل أردتي أن تعطيه شيئاً, قالت: نعم تمرة بيدي, قال: لو لم تصدقي لكتبت عليك كذبة} أو كما قال صلى الله عليه وسلم.