أيها المسلمون: كم للسان من عثرات وهفوات محرمة, منها ما يوصل إلى الشرك والكفر والعياذ بالله, ومنها دون ذلك, فالاستهزاء بالله وبدينه وبكتبه وبرسله وبآياته وبعباد الله الصالحين الذين يعبدون ربهم كفر بالله, ومخرج من الإيمان وهو من حصائد اللسان, ألا فليحذر الذين يرمون المتمسكين بالدين بالرجعية, يحذرون من فلتات ألسنتهم التي يطلقونها بدون مبالاة, وبدون أن ينظروا إلى عواقب تلك الكلمات, فكم قالوا للمتدين: هذا رجعي, هذا متزمت, هذا موسوس؛ لأي شيء سموه بهذه الأسماء؟ لأنه صار متمسكاً بدين الله, راجعاً إلى المولى جل وعلا, راجعاً إلى الغفور الرحيم, حافظ على الصلوات، وترك لحيته، ورفع الثوب عن الكعبين, فهل في هذا رجعية؟! هل في هذا تزمت؟! هل في هذا وسوسة يا من تعقلون؟! أنا أجيب عنكم وأقسم بالله ثلاث مرات وأقول: كلا والله, ثم كلا والله, ثم كلا والله؛ بل هذا مطلوب من كل من يؤمن بالله ورسوله, لأن تارك الصلاة كافر, أكفر من اليهود والنصارى, يعتبر مرتداً, يقتل إذا أبى أن يجيب داعي الله مرتداً كافراً, خارجاً من دائرة المسلمين, لا يغسل, ولا يكفن, ولا يصلى عليه, ولا يورث؛ بل ينبذ بعيداً عن بلاد المسلمين, هذا تارك الصلاة.
وحالق اللحية قد ارتكب محرماً لأن حلق اللحية حرام, أبى الذين يعارضون أم لم يأبوا, عارضوا أم لم يعارضوا, حلق اللحية حرام, بنصوص الكتاب والسنة, أما الكتاب فقوله جل وعلا: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر:7] والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: {اعفوا اللحى, أكرموا اللحى, ارخوا اللحى} كل هذا من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم, وهذا واضح من أحاديث الرسول, ومن أراد الزيادة فليرجع إلى صحيح البخاري وصحيح مسلم وكتب أهل السنة يجد فيها أن حلق اللحية حرام في نصوص رسول الله صلى الله عليه وسلم, من أراد أن ينهي النفس عن الهوى فليرجع إلى الصواب, أما من أراد أن يتمادى ويطغى فموعده يوم القيامة يوم لا ينفع مال ولا بنون.
وجر الثوب حرام, جر الثوب الذي يعير به المتمسك بدين الله, الذي يرفع الثوب فوق الكعبين يقال له: موسوس, فاعلم يا من تعارض أن جر الثوب حرام، وما أسفل الكعبين ففي النار.
وبعض الناس يقول: أنا لا أجره خيلاء, أنا أجره وأطول الثوب زينة! نقول له: تعال إلى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم وهو حديث صحيح لا يعارض: {ما أسفل الكعبين ففي النار} وليست النار تأكل الخرق, وإنما تأكل صاحب الخرق, تأكل الذي سحب الثوب والعياذ بالله, تأكل الذي يجر الثوب معصية لله ولرسوله, فلينتبه لذلك من أراد أن يتحرى الصواب ومن أراد أن يجيب داعي الله.
عباد الله: الحذر الحذر من فلتات اللسان, ويا أيها الشاب المتمسك بدينه, اصبر فإن موعدك إن ثبت على دينك أن يظلك الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله, اصبر على أذى الأب والأم, اصبر على أذى القرابة إن كانوا يعارضونك على ذلك, يقولون لك: موسوس ومتزمت ومجنون ولكن إن ثبت على ذلك فموعدك أن يظلك الله تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله, الخلائق تحت شمس محرقة في أهوال شداد, يعانون منها يوم القيامة, وأنت إن كنت مطيعاً عابداً لله, فالله يظلك تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله, فعليك أيها الشاب بالتمسك بدينك, والصبر على الأذى، فمن الأسف الشديد ما يصدر من بعض الآباء, يلقبون أولادهم بالمجانين وبالموسوسين لأنهم تمسكوا بدين الله وابتعدوا عن المنكرات, فلا حول ولا قوة إلا بالله!
ولقد ورد في الحديث أن الرجل في آخر الزمان يعير بدينه كما تعير الزانية بزناها, وورد في الأثر في آخر الزمان أن المؤمن يكون أذل من الشاة, ورد في آخر الزمان أن المؤمن يمر على القبر ويتمرغ فوقه ويقول: يا ليتني مكانه مما يرى.
فالتمسك بدين الله يا عباد الله, والقبض على دينكم أيها المسلمون, لا يغرنكم أهل الأهواء, لا يغوينكم شياطين الجن والإنس, الذين يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غروراً.