وهذا حذيفة رضي الله عنه، صاحب سر رسول الله صلى الله عليه وسلم لما حضرته الوفاة، يقول: [[اللهم إني كنت أخافك وأنا اليوم أرجوك.
اللهم إنك تعلم أني لم أكن أحب البقاء في الدنيا لجري الأنهار ولا لغرس الأشجار، ولكن لظمأ الهواجر، وقيام الليل، ومكابدة الساعات، ومزاحمة العلماء في حلق الذكر]].
الله أكبر! هذا حال الصالحين على سرير الموت: دموع وأحزان، أسف وندم، بكاء وتأنيب وإساف، كانوا على ما هم عليه من علم وعمل وزهد وورع {كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الذاريات:17 - 18] ومع ذلك بكوا عند فراق الدنيا، لا بكاء الحزن عليها -إي وربي- لا بكاء الحزن عليها ولكن بكاء توديع الأعمال الصالحة، توديع الصلاة والصيام، توديع الزكاة والحج، وتوديع قراءة القرآن، وتوديع الدعاء والاستغفار.