أخي في الله! نعم.
إن في رمضان ذلك القيام الذي سنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، قيام رمضان اللهم اجعلنا من القائمين لك يا رب العالمين، وتقبل منا يا حي يا قيوم!
يقول ابن القيم رحمه الله تعالى:
أدم الصيام مع القيام تعبداً فكلاهما عملان مقبولانِ
قم في الدجى واتل الكتاب ولا تنم إلا كنومة حائرٍ ولهانِ
فلربما تأتي المنية بغتة فتساق من فرشٍ إلى أكفانِ
يا حبذا عينان في غسق الدجى من خشية الرحمن باكيتانِ
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: {عينان لا تمسهما النار: عينٌ بكت من خشية الله، وعينٌ غضبت عن محارم الله} وفي رواية: {باتت تحرس في سبيل الله}.
يا حبذا عينان في غسق الدجى من خشية الرحمن باكيتانِ
الله ينزل كل آخر ليلة لسمائه الدنيا بلا كتمانِ
فيقول: هل من سائلٍ فأجيبه؟ فأنا القريب لكل من ناداني
فيا عباد الله! ألا خاطب إلى الرحمن في هذا الشهر؟! ألا راغبٌ فيما أعد الله للطائعين في الجنان؟! ألا طالبٌ لما أخبر الله به من النعيم المقيم؟!
هنيئاً للرابحين الذين عرفوا قيمة الزمان! يقول الرب جل وعلا في الحديث القدسي: {أعددت لعبادي الصالحين ما لا عينٌ رأت، ولا أذنٌ سمعت، ولا خطر على قلب بشر، ثم قال صلى الله عليه وسلم: اقرءوا ذلك في كتاب الله: {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة:17]}.
عباد الله! اسمعوا ماذا كانوا يعملون! قال تعالى: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} [السجدة:16].
ومن صفاتهم أيضاً: {كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الذاريات:17 - 18] هنيئاً لهم، قال الله تعالى: {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ * تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ} [المطففين:22 - 24] لماذا؟ لأنهم عرفوا قيمة الزمان، فقاموا بطاعة الرحمن، فأورثهم الله تلك الجنان، نسأل الله من فضله أن يجعلنا منهم بمنه وكرمه وإحسانه.
ومما أعد الله لهم في الجنة من النعيم الذي لا يماثل له نعيم ما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول: {إذا دخل أهل الجنة الجنة يقول الله تبارك وتعالى: تريدون شيئاً أزيدكم؟ فيقولون: ألم تبيض وجوهنا؟ ألم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار؟ قال: فيكشف الحجاب، فما أعطوا شيئاً أحب إليهم من النظر إلى ربهم، ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس:26]} الله أكبر! للذين أحسنوا: أي الذين أحسنوا العمل في الدنيا لهم الحسنى وهي الجنة، والزيادة: النظر إلى وجه الله الكريم.
ومما ورد في الحث على قيام الليل ما أخبر به عبد الله بن سلام أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {أيها الناس أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام}.
ويقول صلى الله عليه وسلم: {أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل} نسأل الله من فضله، يا رب أيقظنا من رقداتنا، يا رب لا تجعلنا من الخاسرين، كم من أناسٍ خسروا هذا؟! نسأل الله العفو والعافية.
يقول صلى الله عليه وسلم: {أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل} رواه مسلم.