ابن آدم! تذكر وأنت واقف في ذلك الموقف العظيم مع الخلائق الذين لا يعلم عددهم إلا الله، إذ نودي باسمك على رءوس الخلائق، من الأولين والآخرين، فقمتَ ترتعد فرائصُك، فهنيئاً لك إن كنت من أصحاب اليمين، عندما يقال: سعد فلان بن فلان سعادة لا يشقى بعدها أبداً، أو يقال: سعدت فلانة بنت فلان سعادة لا تشقى بعدها أبداً، فتأخذ الكتاب رافعاً رأسك مسروراً فرحاً: {هَاؤُمُ اقْرَأوا كِتَابِيَهْ * إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسَابِيَهْ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ * فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ * قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ * كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ} [الحاقة:19 - 24].
أما إن كانت الأخرى، ونودي باسمك: شقي فلان بن فلان شقاوة لا يسعد بعدها أبداً، أو شقيت فلانة بنت فلان شقاوة لا تسعد بعدها أبداً، فيُعطى كتابه بشماله، أو من وراء ظهره، يا لها من خسارة! لا تشبهها خسارة! يوم أن ينادي بقلب حزين، يوم أن ينادي في ذلك اليوم العظيم: {يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ * وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ * يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ * مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ * هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ * خُذُوهُ فَغُلُّوهُ * ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ * ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ} [الحاقة:25 - 32].
اللهم يا حي يا قيوم! يا ذا الجلال والإكرام! لا إله إلا أنت، ولا رب لنا سواك، اللهم بيِّض وجوهنا يوم تبيضُّ وجوه وتسودُّ وجوه، اللهم بيِّض وجوهنا يوم تبيضُّ وجوه وتسودُّ وجوه.
اللهم ثقل موازيننا، ويمِّن كتابنا.
اللهم اجعلنا على حوض نبينا من الواردين، واسقنا منه شربة لا نظمأ بعدها أبداً يا رب العالمين.
اللهم يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال والإكرام، نسألك في ختام هذه الكلمة، ونحن في استقبال فريضة من فرائضك يا ألله! يا رءوف! يا رحيم! اللهم املأ قلوبنا من محبتك، ومن خشيتك، ومن معرفتك، ومن الأنس بقربك، واملأها حكمة وعلماً.
اللهم املأ قلوبنا من الإيمان والحكمة.
اللهم حبب إلينا الإيمان، وزينه في قلوبنا، وكرِّه إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين.
اللهم أحينا مسلمين، وتوفنا مسلمين، وألحقنا بالصالحين، غير خزايا ولا مفتونين.
اللهم رب محمد النبي صلى الله عليه وسلم اغفر لنا ذنوبنا، واكظم غيظ قلوبنا، وأجرنا من مضلات الفتن، ما ظهر منها وما بطن.
اللهم أقر أعيننا، وأفرح قلوبنا بصلاح أئمتنا وولاة أمورنا، وقاداتنا.
اللهم أصلح أولادنا ونساءنا، واجعلهم قرة أعين لنا يا رب العالمين.
{رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة:201].
وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه أجمعين.
إخواني في الله! نعم يذكرني أخي بأحوال إخوانٍ لنا ولكن قبل أن ندعو لهم نتذكر هذه النعمة التي نرفل فيها يا إخواني في الله، نعمة الأمن والاستقرار نعمة الدين الذي نعيش فيه ولله الحمد، ونعمة العقيدة فنسأل الله جل وعلا أن يثبتنا وإياكم على قوله الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة.
ويا إخواني في الله! الله الله بالنصح لإخواني المسلمين والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أسال الله جل وعلا أن يجعلنا ممن يأمر بالمعروف ويفعله، وينهى عن المنكر ويجتنبه.
إخواني في الله! الرسول صلى الله عليه وسلم دخل على زينب محمر الوجه وهو يقول: {لا إله إلا الله! ويل للعرب من شر قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوم ومأجوج هكذا -وحلق بالإبهام والتي تليها- فقالت: يا رسول الله! أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم.
إذا كثر الخبث} لكن إذا كثر المصلحون والدعاة إلى الله عز وجل؛ فإن الله ينجي العباد ويرحم العباد.
فالله الله أن نبذل النصح فيما بيننا، ونأمر بالمعروف وننهى عن المنكر متبعين بذلك الحكمة والرفق لعل الله سبحانه وتعالى أن ينجينا وإياكم من عذابه، إنه على كل شيء قدير.
أما في الختام فنسأل الله جل وعلا أن يحفظنا وإياكم بحفظه، وكذلك ندعو لإخواننا في كوسوفا الذين شردوا من بلادهم.
لا إله إلا الله! تصور -يا أخي- الأب والأم يوم أن فرق بينهم وبين أولادهم.
لا إله إلا الله! تصور أولئك الأطفال وهم ينظرون إلى تلك الأشلاء والمذبوحين كما تذبح الشياة.
لا إله إلا الله!
اللهم انصر إخواننا في كوسوفا وفي كل مكان يا أرحم الراحمين، اللهم انصر المجاهدين من المسلمين في كل مكان، اللهم انصر المجاهدين في سبيلك في كل مكان يا رب العالمين، اللهم عليك بأعداء الإسلام وأعداء المسلمين، اللهم عليك بالصرب النصارى الظلمة، اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك، اللهم فرق جمعهم وشتت شملهم، اللهم أيتم أطفالهم، ورمل نساءهم واجعلهم غنيمة للمسلمين يا رب العالمين.
اللهم عليك باليهود وأعوانهم يا رب العالمين، اللهم اقطع دابرهم فإنهم لا يعجزونك يا رب العالمين.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.