نعيم الأتقياء

عباد الله: سارعوا إلى مغفرة الله وجنته، قال تعالى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ * وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} [آل عمران:133 - 136].

اسمع يا عبد الله! حرك ذلك القلب الغافل, أخرج منه حب الفلل والقصور, وتذكر القصور العامرة، تذكر المستقبل الذي لا خراب بعده ولا دمار, تذكر إذا قيل لأهل الجنة: {ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ آمِنِينَ * وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ * لا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ} [الحجر:46 - 48] لا يأتي صاحب العقار ويقول: لقد اخرج لقد تمت المدة! لا.

هذا في أمان وفي جوار رب العالمين ويقال لأهل الجنة: {يَا عِبَادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ} [الزخرف:68] أأمنتم من أمريكا والاتحاد السوفيتي وفرنسا وبريطانيا التي أخذت قلوب الكثير من الناس, عندما نسوا رب العالمين وقالوا: الدول العظيمة الدول الكبيرة نسوا إله الأولين والآخرين, الذي هو قادر أن يسحقهم في طرفة عين.

فيا من خلا الإيمان من قلوبهم, والتفتوا إلى غير الله, والله إنهم ليس بأيديهم شيء يضرون به ولا ينفعون إلا بحول الله وقوته, أما سمعت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لـ ابن عباس: {واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لن ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك, واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لن يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف} ارسم هذا على قلبك -يا عبد الله- حتى يكون لديك اليقين, وغذ شجرة الإيمان، وأيقن بالله, أيقن أن القوة لله جميعاً, ثم اعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن يضروك بقنابلهم وصواريخهم ودباباتهم لن يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك.

وقد يقول البعض من الناس: أجل لماذا الدول بجوارنا تطحن حروباً؟ نقول: إن كنت عاقلاً فاستفت قلبك، إنهم لما أضاعوا أوامر الله عز وجل حكموا بغير ما أنزل الله أباحوا الزنا, وأباحوا المسكرات, والمخدرات, حتى إن الدولة التي نشبت فيها الحروب, قبل الحرب بأيام قليلة كانوا يفكرون أن يفتحوا شارعاً يسمونه (شارع الحمراء) وهو شارع النساء العاريات, وعجَّل الله لهم العقوبة قبل ذلك, فالحروب الآن تطحنهم ليلاً ونهاراً قال تعالى: {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [فصلت:46] هذا كلام الله عز وجل وهذا الدستور السماوي, فاحمدوا الله في هذه البلاد، احمدوا الله على هذه العقيدة عقيدة التوحيد, واحمدوا الله على تطبيق الحدود, فأنتم في نعمة في هذه البلاد, ولكن حافظوا على هذه النعمة لا تزول, ارجعوا إلى ربكم عز وجل, قبل أن يحل بكم ما حل بالمجاورين, إن الله عز وجل ليس بينه وبين خلقه نسباً, كل الخلق عبيده جلَّ وعلا, فمن شكر هذه النعم وأطاعه فالله سبحانه شكور حليم، ومن عصاه فهو المنتقم جل وعلا ولا تخفى عليه خافية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015