من اتقى الله عز وجل فليبشر بالخير الكثير، يجعل الله له من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، ويرزقه من حيث لا يحتسب، كما قال الرب جل وعلا: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} [الطلاق:2 - 3].
أيضاً من يتقِ الله ييسر الله أموره، كما قال الله جل وعلا: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً} [الطلاق:4].
أيضاً من يتق الله يكرمه الله بكرامة لا تنال بحسب ولا بنسب ولا بكثرة أموال، يقول الله جل وعلا: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا} [الحجرات:13] لتعارفوا لا ليفخر بعضكم على بعض، ولا ليتكبر بعضكم على بعض {كلكم لآدم وآدم من تراب} لكن الله جل وعلا الحكيم العليم، الخبير البصير سبحانه وتعالى فصلها، وقال: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات:13] الله أكبر! إن أكرمكم عند الله أتقاكم.
ثم يا إخواني في الله! من يتق الله جل وعلا يرزقه الله علماً نافعاً، يفرق بين الحق والباطل، يعرف الحلال من الحرام، يقول الله جل وعلا: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ} [البقرة:282].
اتقوا الله، افعلوا الأوامر، واجتنبوا النواهي؛ ينور الله قلوبكم وبصائركم بالعلم النافع الذي تعرفون به الحق من الباطل، وتفرقون وتميزون به بين الحلال والحرام، {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ} [البقرة:282].
وما أحوج الأمة في هذه الأزمنة إلى العلم الشرعي -يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم- الذي أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أنه يقبض العلم الشرعي في آخر الزمان ويكثر الجهل ويظهر -نسأل الله العفو والعافية- ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: {إن الله لا ينتزع العلم انتزاعاً من العباد، ولكن بقبض العلماء، حتى إذا لم يبقِ عالماً اتخذ الناس رءوساً جهالاً، فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا} إنا لله وإنا إليه راجعون! اللهم لا تجعل مصيبتنا في ديننا.
فيا أمة محمد صلى الله عليه وسلم! علينا أن نغتنم الفرصة في طلب العلم النافع والتفقه في دين الله، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: {من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين} ويقول صلى الله عليه وسلم: {ومن سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة} فإذا أردنا أن نحصل على العلم النافع، علم الشرع الذي تستنير به القلوب، فعلينا بتقوى الله عز وجل، قال تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ} [البقرة:282] سبحانه وتعالى.
إخواني في الله: أيضاً بتقوى الله جل وعلا، ينال العبد محبة الله سبحانه وتعالى، يقول الله جل وعلا: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} [التوبة:4] نسأل الله من فضله.
ما ظنك إذا أحبك الله جل وعلا؟ ما ظنك إذا أحبك الله يا عبد الله؟ يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: {إن الله إذا أحب عبداً نادى جبريل: يا جبريل! إني أحب فلاناً فأحبه فيحبه جبريل، فينادي جبريل في أهل السماء: إن الله يحب فلاناً فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض} والحديث متفق عليه، وفي رواية لـ مسلم: {وإذا أبغض الله عبداً -نسأل الله العافية- نادى جبريل: يا جبريل إني أبغض فلاناً فأبغضه فيبغضه جبريل، فينادي جبريل في أهل السماء: إن الله يبغض فلاناً فأبغضوه، فيبغضه أهل السماء، ثم توضع له البغضاء في الأرض}.
ويخبر الرب جل وعلا في الحديث القدسي الذي يرويه رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول الرب جل وعلا: {وما تقرب عبدي إليَّ بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه} فضل عظيم لمن أحبه الله جل وعلا.
إخواني في الله: من فوائد تقوى الله عز وجل -أيضاً- أن الله سبحانه وبحمده يكون مع العبد، وإذا كان الله معه فلن يهزم، ولن يغلب، ولن يضام، يجعل له من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، وييسر أمره، ويكفر عنه سيئاته، ويعظم له أجراً، نسأل الله التوفيق والسداد، يقول الرب جل وعلا: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} [البقرة:194] ويقول سبحانه وبحمده: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} [النحل:128].
إذاً: فعليك بتقوى الله مجيباً لداعي الله سبحانه وبحمده: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ} [البقرة:278].
أيضاً يقول الرب جل وعلا مخبراً أنه سبحانه وتعالى إنما يتقبل من المتقين، قال جل وعلا: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [المائدة:27].