ثم تفكروا في الصراط الذي يؤتى به فيجعل بين ظهراني جهنم، ويمر الناس عليه وهو أدق من الشعرة وأحد من السيف، وعلى الصراط خطاطيف مأمورة، فمن الناس من ينجو، ومنهم من يُخدش، ومنهم الموبق بعمله، وفي ذلك اليوم العظيم يحتاج الناس إلى من يشفع لهم عند ربهم، فينطلقون يلتمسون الأنبياء والمرسلين لعلهم يشفعون، فإذا بكل رسول منهم يقول: نفسي نفسي، اذهبوا إلى فلان، حتى يؤتى محمداً صلى الله عليه وسلم، ويقول: {أنا لها، أنا لها} يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: {يأتوني ويقولون: يا محمد! أنت رسول الله، وخاتم الأنبياء، وغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر، اشفع لنا إلى ربك}.
إنه موقفٌ عظيم يا عباد الله! أطيلوا التفكير في ذلك اليوم {اشفع لنا إلى ربك ألا ترى ما نحن فيه، ألا ترى ما قد بلغنا، قال صلى الله عليه وسلم: فأنطلق فآتي تحت العرش، فأقع ساجداً لربي، ثم يفتح الله عليَّ ويلهمني من محامده وحسن الثناء عليه، ثناءً لم يفتحه لأحد قبلي، ثم يقال: يا محمد! ارفع رأسك، سل تعط واشفع تشفع، فأرفع رأسي، فأقول: يا رب أمتي أمتي}
اسمع يا مسكين! يا من أضعت الطريق المستقيم! وابتعدت عن طريق محمد صلى الله عليه وسلم.
ما هذا الإعراض يا عبد الله ورسول الله أول ما يرفع رأسه يقول: {يا رب أمتي أمتي}؟! ألا ترحم نفسك يا عبد الله! ألا تبتعد عن المخالفات التي سوف أخبرك عنها بعد قليل! {فيقال: يا محمد! أدخل الجنة من أمتك من لا حساب عليهم من الباب الأيمن من أبواب الجنة، وهم شركاء الناس فيما سوى ذلك من الأبواب} اسمع ماذا يقول رسول الله: {والذي نفس محمدٍ بيده إن ما بين المصراعين من مصاريع الجنة لكما بين مكة وهجر، أو كما بين مكة وبصرى}.