عباد الله: إنه من المؤسف جداً ما يفعل في كثيرٍ من الأقطار التي تنتسب للإسلام؛ حيث إن كثيراً ممن ينتسبون للإسلام يشركون بالله في كثيرٍ من أنواع العبادة مثل: الدعاء، والذبح، والنذر، وهم يدعون الأموات، ويطلبون منهم حوائجهم، أو رد غائبهم، أو شفاء مرضاهم، ويجعلونهم وسائط بينهم وبين الله.
فيذبحون لغير الله، كذبحهم للقبور وللجن، وينذرون لغير الله، إلى غير ذلك من أنواع الشرك الأكبر الذي قال الله فيه: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء:48].
ومع الأسف -يا عباد الله- ما يفعل عند تلك الأضرحة وعند تلك القبور من الدعاء والتوسل والذبح والنذر لغير الله، فلو رأيتم إسبالهم العبرات، وبكاءهم وصراخهم، وطوافهم عند تلك القبور وحولها، وسفك الدماء لها، وبذل الأموال الطائلة للسدنة، ولو رأيتم ذلك -يا عباد الله- لتقطعت قلوبكم حسراتٍ على التوحيد وعلى العقيدة، فكم من أناسٍ يدعون الإسلام وهم مشركون، ولقد قال لي بعض إخواننا الوافدين إلى هذه البلاد: إن آباءنا وأمهاتنا قد ماتوا على الشرك -والعياذ بالله- حيث إنهم إذا أصابتهم المصائب، ونزلت بهم البلايا، وألمت بهم الملمات؛ لم تسمع منهم إلاّ التوسل بأهل تلك القبور، فتسمع من يقول: يا رسول اللهّ! ومنهم من يقول: يا علي! ومنهم من يقول: يا حسين! ومنهم من يقول: يا زيلعي! ومنهم من يقول: يا عبد القادر! ومنهم من يقول: يا عيدروس! ومنهم من يقول: يا محضار يا زهير يا شاذلي يا ابن علوان يا بدوي يا دسوقي يا جيلاني إلى غير ذلك من الألفاظ الشركية، فهم دائماً يندبون ويتوسلون ويدعون أولئك الأموات الذين لا يملكون لأنفسهم ضراً ولا نفعاً، والله ثم والله! إن أولئك الأموات لا يملكون لأنفسهم ضراً ولا نفعاً، ولا موتاً ولا حياة ولا نشوراً، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
إنها مصيبة عظمى؛ حيث رجع أكثر الناس إلى الوثنية، ورجع أكثر الناس إلى الجاهلية كما قال صلى الله عليه وسلم: {بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ، فطوبى للغرباء} والله لو أنزلوا حاجاتهم وفاقاتهم بالله، وتضرعوا إلى الله والتجئوا إلى الله، ودعوه بأسمائه الحسنى وصفاته العلى؛ لجعل لهم من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، ومن كل بلاءٍ عافية، ولكن عميت قلوبهم عن الحق، نسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يهدي ضال المسلمين، ويردهم إلى الحق المبين، حتى يرجعوا إلى العلي الأعلى إلى الكبير العظيم، إلى الجليل الحميد المجيد، إلى السميع البصير العليم، إلى القوي العزيز المكين إلى القدير الغني الحكيم إلى الحي القيوم الحيي الستير، إلى الصبور العفو الشهيد الرقيب الحفيظ اللطيف المجيب المغيث الجواد الكريم الوهاب الودود الشكور الغفور الغفار التواب الأحد الصمد القهار الجبار الحبيب العدل الرشيد الحكم القدوس السلام الفتاح الرزاق المقدم والمؤخر، والمعطي المانع، الضار النافع، الخافض الرافع، إلى غيرها من أسماء الله الحسنى.
اللهم إنا نسألك بأسمائك الحسنى أن تملأ قلوبنا بالإيمان.
{قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيّاً مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً * وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً} [الإسراء:110 - 111].
وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه، إنه هو الغفور الرحيم.