أمة الإسلام: إن الاتحاد هو أساس السعادة، وعماد كل تقدم ورقي، فالصحابة رضوان الله عليهم ليسوا من صلب واحد، ولا من أب وأم واحدة، إنهم من أقطار متفرقة، ولكن اجتمعوا تحت ظل لا إله إلا الله محمد رسول الله، اجتمعوا على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
إذاً: فالاتحاد -يا أمة الإسلام- هو أساس السعادة، وعماد كل تقدم ورقي، والتاريخ الإسلامي يشهد لما جاء به الدين الإسلامي من أن الخير كل الخير في اجتماع الكلمة والتضامن، وتوحيد الصفوف، والتضحية بالمصالح الشخصية والرغبات الفردية في سبيل المصلحة العامة، فما نالت أمة من الأمم نصيباً من التقدم في شيء من شئونها إلا باجتماع الكلمة.
يا أمة الإسلام! على كل فرد مسلم واجب يؤديه، ووظيفة يجب أن يقوم بها لصالح الجميع؛ لأن كل فرد من أمة المسلمين على ثغر من ثغور الإسلام، فيجب أن يقوم بوظيفته ويؤديها بأمانة وإخلاص ووفاء.
عباد الله: فحذارِ حذارِ من التنازع والتفرق؛ فإنهما والله لمن الجنايات العظمى، والجرائم الكبرى، التي قد يدخل ضررها على العجائز في أقصى بيوتهن، نعم والله إنهما لمؤذنان بوخامة العاقبة وسوء المصير، يقول الله سبحانه وهو أصدق القائلين: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال:46].
يا عباد الله! اتقوا الله واجتنبوا التنازع والاختلاف والتفرق؛ فإن ذلك مبلبلٌ للأفكار، مهرقٌ للدماء، مؤججٌ لنار العداوة والبغضاء، وما أدراكم ما العدواة والبغضاء؟!
هي والله الغزو الموحش والحرب الطاحنة، التي طالما هزت أركاناً راسية، وأودت بمصالح، وكشفت عن خبايا.
يا أمة الإسلام: اتقوا الله واعملوا على ما يجمع كلمتكم، ويقرب وجهاتكم، فذلك أول عدة تعتدونها لقتال أعداء الإسلام، وابتعدوا جميعاً عن مغريات الأعداء التي يزرعونها في صفوف المسلمين، في مشارق الأرض ومغاربها؛ ليضلوكم بها عن سبيل الله، ويبعدوكم عن دينكم الحنيف، وعن أخلاقكم، وعن المثل العليا التي جاء بها الإسلام ورسم لنا خطتها.