ثم إن شريعة الإسلام -يا عباد الله- جاءت بأرقى الآداب وأسمى الأخلاق، ولما كانت تلك الجريمة تتنافى مع الأخلاق والآداب، وتغضب الجبار جلَّ وعلا، تغضب الخالق الرزاق، تغضب البارئ المصور، تغضب رب الأرض والسماوات، تغضب الذي أوجد الكائنات، تغضب إله الأولين والآخرين، جعل جل وعلا فيها وحياً أكيداً، فقال رسول الهدى صلى الله عليه وسلم: {من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به}.
ثم يقول ابن عباس رضي الله عنهما في البكر يوجد على اللوطية قال: [[إذا وجد وهو بكر يعمل عمل قوم لوط فإنه يرجم]]
وقال جابر بن عبد الله رضي الله عنه: قال رسول الهدى صلى الله عليه وسلم: {إن أخوف ما أخاف على أمتي عمل قوم لوط} فإنا لله وإنا إليه راجعون!
ما أكثرها تكون في مجتمعات الشر والفساد! في مجتمعات اللهو والغفلة يا عباد الله! رسول الهدى يقول: {إذا كثرت اللوطية رفع الله يده عن الخلق فلا يبالي في أي وادٍ هلكوا.
ويقول في رواية: أربعة يصبحون في غضب الله، ويمسون في سخطه، قلت: يا رسول الله! من هم؟ قال: المتشبهون من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال، والذي يأتي البهيمة، واللوطي}.
قال ابن عباس رضي الله عنهما: [[إن اللوطي إذا مات من غير توبة مسخ في قبره خنزيراً]].
أمرٌ عظيمٌ يا عباد الله، إن اللوطي إذا مات من غير توبة مسخ في قبره خنزيراً؛ لذلك حرم كثيرٌ من العلماء الخلوة بالأمرد في نحو بيتٍ ودكان، وما ذاك إلا لخوف الوقوع في هذه الفاحشة العظمى، وورد في الحديث القدسي: {النظر سهمٌ مسموم من سهام إبليس، مَن تركه مخافتي أبدلته إيماناً يجد حلاوته في قلبه} ولما كانت الخلوة بالأمرد من الأسباب الداعية إلى الوصول إلى تلك الجريمة الشنعاء حرمها بعض العلماء.
وهذا سفيان الثوري رحمه الله لما دخل عليه صبي في الحمام حسن الوجه قال: [[أخرجوه عني، فإني أرى مع كل امرأة شيطاناً، ومع كل صبي بضعة عشرة شيطاناً]].
فهؤلاء هم أرباب القلوب الحية، الخائفون أن تزل قدمٌ بعد ثبوتها.