أمة الإسلام: لقد جاء تعيير أمة من الأمم في كتاب الله العزيز، وما أدراكم ما هذه الأمة! هي أمة عملت جريمة وخيمة شنعاء تقشعر من ذكرها الجلود، ويندى لها الجبين، إنهم قوم لوط الذين أخبر الله عنهم في كتابه المبين حيث قال: {أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ} [الأعراف:80].
نعم.
إنها فاحشة عظيمة وخيمة، كيف لا.
والله يؤكد ذكرها في مواضع من كتابه بذكر وتصريحٍ تشمئز منه القلوب، وتنبو عنه الأسماع، وتنفر منه الطباع أشد نفرة؟! ألا وهو إتيان الرجل رجلاً مثله، ألا وهو ركوب رجل رجلاً مثله، فيقول الله جلَّ وعَلا: {إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ} [الأعراف:81] والإسراف يا عباد الله هو مجاوزة الحد، ثم أكد الله جل وعلا على تلك الأمة الذم بوصفين في غاية القبح فقال جل وعلا: {إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ} [الأنبياء:74] وسماهم مفسدين، وسماهم ظالمين، والآيات فيهم بكتاب الله كثيرة معلومة.
أجل يا عباد الله! يا من يؤمن بالله واليوم الآخر! إنه ليس في المعاصي مفسدة أعظم من مفسدة اللواط، فهي كبيرة عظيمة، وفاحشة شنعاء، وهي التي تلي مفسدة الكفر والعياذ بالله، ولم يبتلِ الله بهذه الكبيرة قبل قوم لوط أحداً من العالمين، فلهذا عاقبهم المولى جل وعلا عقوبة لم يعاقب بها أمة غيرهم.
أمة الإسلام! لقد جمع الله على قوم لوط -الذين يأتون الذكران من دون النساء- أنواعاً من العقوبات: قلب ديارهم، وخسفها بهم، ورجمهم بالحجارة من السماء، وطمس أعينهم، وعذَّبهم، وجعل عذابهم مستمراً، جعل ديارهم بحيرة منتنة، فنكل بهم نكالاً لم ينكله أمة سواهم، وما ذاك يا عباد الله إلا لعظم مفسدة هذه الجريمة التي تكاد الأرض تميد من جوانبها إذا عملت عليها، وتهرب الملائكة إلى أقطار السماوات والأرض إذا شاهدوا فاحشة اللواط خشية نزول العذاب على أهلها فيصيبهم معهم، وتئز الأرض إلى ربها، وتكاد الجبال تزول على ما فيها؛ لشناعة هذه الجريمة، إنها جريمة اللواط، إنها ركوب الذكور بعضهم على بعض.