إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، اللهم إنا نعوذ بك من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله الله بشيراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيرا، فبلغ الرسالة، وأدى الأمانة ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، صلوات الله وسلامه عليه لم يمت إلا وأكمل الله به الدين، وأتم الله به النعمة كما أخبرنا ربنا في محكم البيان: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً} [المائدة:3] فلله الحمد والمنة، اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام، رضينا بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمداً صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً، اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
يا أيها الإخوة في الله: في هذا الموضوع -الذي نسأل الله جل وعلا أن يجعله مباركاً إنه على كل شيءٍ قدير- نتناول من سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم الشيء اليسير، لن نستطيع أن نحيط بسيرة محمد صلى الله عليه وسلم، ولكن نأخذ منها اليسير الذي نستطيع عليه.
فأولاً: -أيها الأحباب- أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل فهي وصية الله للأولين والآخرين قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} [الأحزاب:70 - 71] ويقول جل من قائل عليماً: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [الحشر:18] ثم قال جلَّ وعلا: {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [الحشر:19] ثم قال: {لا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُون} [الحشر:20].
إن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة، اللهم أجرنا من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن، اللهم رب محمد النبي صلى الله عليه وسلم اغفر لنا ذنوبنا، وأذهب غيظ قلوبنا وأجرنا من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن، إنك على كل شيء قدير.
أحبابي في الله! أكثروا من الحمد والثناء على الله سبحانه وتعالى، الذي بعث فينا هذا النبي الكريم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، الذي أخرج الله به من الظلمات إلى النور، وهدى به من الضلالة، وأخرج به من الجهل إلى العلم، ومن القسوة إلى الرحمة، ومن الظلم إلى العدل، إنه محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، الذي بشرت به الأنبياء قال الله تعالى: {وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرائيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} [الصف:6] اللهم صلِّ على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.