وجوب الجهاد في سبيل الله والدعوة والاعتصام

الحمد لله مغيث اللهفان، ومفرج الشدائد والكربات، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه الذين قاموا بدين الله حق قيام، وجاهدوا في الله حق جهاده، اللهم وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

أما بعد

فيا عباد الله! لقد أوجب الله على المؤمنين الجهاد في سبيله، والاعتصام بدينه الذي هو حبله المتين، وأوجب عليهم الدعوة إلى ذلك، وأوجب عليهم العصمة والاجتماع والتعاون على البر والتقوى والخير والاستعانة بالله في جميع أمورهم، وعلى قوة التوكل عليه، وعلى القيام بالمستطاع مما يقدر عليه من الدين والتقوى، وعلى تعلم ما يحتاجون إليه سوى أمور دينهم ودنياهم من العلوم والفنون النافعة التي يحصل بها قيام الدين والأمة، والتمكن على القوة المعنوية والشجاعة الإيمانية، وحثهم على فعل الأسباب المقوية للإيمان كلها، وحثهم على الدعوة إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وبمجادلة المبطلين الضالين بالتي هي أحسن، وحثهم على الجهاد في الله حق جهاده، فهذه الأوامر الإلهية في القرآن في مواضع متعددة وكلها داخلةٌ في الجهاد في سبيل الله؛ ولكن -للأسف الشديد- لقد تغيرت الأحوال، ولو خرج فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم اليوم ورأى التشتت والاختلاط وكثرة الأحداث، ورأى ما يقع المسلمون فيه من التغير والانحطاط والابتعاد عن الصراط القويم الذي رسمه للأمة، لقال: بئس ما خلفتموني من بعدي، وما له لا يقول ذلك! ونحن نعد بالملايين وقد تداعت علينا الأمم، وأصبحنا لقمةً للطامعين، نحب الحياة ونكره الموت، ونحن في عداد الميتين، فمعذرةً من الله حالة المسلمين اليوم! حالةٌ تبكي لها القلوب، وتتفكك لها الأكباد، ويذوب منها الجماد، كيف لا يكون ذلك وقد أذلهم الرجوع إلى الدول الكافرة في حل مشاكلهم، وهيهات، ثم هيهات، ثم هيهات!! أن يحل أعداء الإسلام والمسلمين مشاكل المسلمين، بل هم والله فرحون مستبشرون بما يحصل بين المسلمين من التفرق والشتات وسوء المعاملات، فإنا لله وإنا إليه راجعون.

فإلى متى هذا الرقاد يا أمة الإسلام؟!

تذكروا بيت المقدس ومن ساكنه الآن؟

أليست شرذمةٌ قليلةٌ!! قتلة الأنبياء، ملعونة في كتاب الله، أليسوا اليهود؟

تذكروا إخوانكم في أفغانستان وهم يقاتلون الشيوعية الحمراء.

تذكروا إخوانكم في أفريقيا وقد فشا فيهم التبشير بـ النصرانية.

تذكروا إخوانكم في حماه في سوريا العربية والصواريخ والدبابات والقنابل تحرق النساء والذرية، ويا للأسف الشديد أين المسلمين؟ أين الصرخة الصادقة؟

يا أمة الإسلام! يا شباب الإسلام! الرجوع إلى الحق خيرٌ من التمادي في الباطل، الله الله بالتعاون فيما بيننا على البر والتقوى والقيام بما يرضي عز وجل.

أيها المسلمون! صلوا على نبيكم كما أمركم الله بقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:56] صلوا على من قال: {مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضوٌ، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى}.

اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر أصحاب رسولك أجمعين، وعن التابعين لهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وكرمك وإحسانك يا رب العالمين.

اللهم أعزنا بالإسلام، اللهم أعزنا بالإسلام، اللهم أعزنا بالإسلام، اللهم ردنا إليك رداً جميلاُ، اللهم قوَّم ما اعوج من أخلاقنا، واهدنا صراطك المستقيم، اللهم اجعلنا من المتراحمين، واجعلنا من المتحابين، واجعلنا من المتوادين فيك يا رب العالمين.

أمة الإسلام! اسألوا الله عز وجل أن يثبتكم على الإسلام فنحن في زمان كثرت فيه الفتن.

نسأل الله الثبات على الإسلام، اللهم ثبتنا على الإسلام، اللهم أحينا مسلمين، وتوفنا مسلمين، وألحقنا بالصالحين غير خزايا ولا مفتونين يا رب العالمين!

اللهم وفق أئمتنا وولاة أمورنا وأئمة وولاة أمور المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، اللهم ولِّ على المسلمين الأخيار، ولا تولِّ عليهم الأشرار، اللهم اجعل ولاية المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين.

اللهم وفق أولادنا ونساءنا، واجعلهم قرة أعينٍ لنا يا رب العالمين.

اللهم ارفع عنا الغلاء والوباء والربا والزنا واللواط وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن، ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا، لنكونن من الخاسرين، ربنا آتنا في الدنيا حسنةً، وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب النار.

عباد الله! {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا} [النحل:90 - 91] واذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على وافر نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015