إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتدي ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صلِّ على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
فيا عباد الله: اتقوا الله تعالى وأطيعوه، واشكروه على نعمه الكثيرة التي لا تحصون لها عدداً.
عباد الله: إن من نعم الله تعالى التي أنعم بها علينا، ومنحنا إياها وسائل النقل بجميع أنواعها، فإنها نعمة لمن استعملها في مرافق حياته المباحة، وإن الله قد حرم على المرء أن يعرض نفسه للهلاك ومن أدلة ذلك ما يلي:
الدليل الأول: عباد الله: لقد جاءت الشريعة الإسلامية بحقن الدماء والمحافظة عليها، قال الله تعالى: {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَاناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَاراً وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً} [النساء:30].
عباد الله: تلكم الآية الكريمة تنذركم ألا تقتلوا أنفسكم؛ لأن الله كان بكم رحيماً، فإن قتلتم أنفسكم عدواناً وظلما فسوف يصليكم ناراً وكان ذلك على الله يسيراً.
الدليل الثاني: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يجأ بها بطنه يوم القيامة في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن قتل نفسه بسم فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً}.
الدليلين الثالث والرابع: وفي صحيح البخاري وصحيح مسلم، قال رسول الله الهدى صلى الله عليه وسلم: {من قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة} وروى البخاري ومسلم: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {كان فيمن كان قبلكم رجل كان به جرح فجزع فأخذ سكيناً فحز بها يده فما رقأ الدم حتى مات، قال الله عز وجل: عبدي بادرني بنفسه حرمت عليه الجنة فهو في النار}.
ففي هذه الآية السالفة والأحاديث الصحيحة، تهديد شديد، ووعيد أكيد لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.