هذا وقد أجمع العلماء على تحريم النظر بشهوة إلى الشباب المردان والنساء الأجنبيات، عملاً بقول الله تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} [النور:30] ولهذا بالغ الصالحون في الإعراض عن الشباب المردان وعن النظر إليهم وعن مخالطتهم ومجالستهم، قال الحسن بن ذكوان رحمه الله: لا تجالسوا أولاد الأغنياء فإن لهم صوراً كصور العذارى، وهم أشد فتنةً من النساء، وقال بعض التابعين: [[ما أنا بأخوف على الشاب الصالح من سبعٍ ضار من الغلام الأمرد يقعد إليه]] ومعنى كلامه رحمه الله: قد لا أخاف على الشاب الصالح من السباع الضارية بقدر ما أخاف عليه من الشباب الصغار، خوفاً من الفتنة، والفتنة أشد من القتل.
وتحرم الخلوة بالشاب الأمرد في نحو بيتٍ، أو دكان، أو نحو ذلك كالمرأة، بل من المردان من يفوق النساء بحسنه، فالفتنة به أعظم، ولأنه يتيسر في حقه من طرق الريبة والشر ما لا يتيسر في حق المرأة، لاضطرار المخالطة، فهو بالتحريم أولى.
وأقوال السلف في التنفير عنهم، والتحذير من رؤيتهم أكثر من أن تحصر، فقد نهوا عن مجالستهم ومصاحبتهم، ولو كان الرجل صالحاً.
قال بعض التابعين: [[إذ رأيتم الرجل يحب النظر إلى الأمرد، فاتهموه في دينه]] وقال سفيان الثوري: [[إني أرى مع كل امرأةٍ شيطاناً، ومع كل صبيٍ بضعة عشر شيطاناً]] وجاء رجل إلى الإمام أحمد رحمه الله ومعه صبيٌ حسن الوجه، فقال له: من هذا منك؟ فقال الرجل: هو ابن أختي.
قال: لا تأتي به إلينا مرة أخرى، ولا تمش معه في طريق، لئلا يظن بك من لا يعرفك ويعرفه سوءاً.
وقال هشام بن عبد الملك رحمه الله: لولا أن الله تعالى ذكر فعل قوم لوطٍ في القرآن ما صدقت أن ذكراً يركب ذكراً.
فيا من هو واقعٌ في هذا الداء الخطير، إن حبك لهذا الشيء يدل على فساد طبعك وهبوط ذوقك، وإنك بهذا قد أغضبت ربك ونشرت الرذيلة في مجتمعك، وفقدت رجولتك، وإن متعاطي هذا الفعل الذميم لا يوثق به أن يخلو ولو ببهيمة.